والأمة تطلق على الجماعة ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) [القصص : ٢٣] وتطلق على أتباع الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ؛ كقولك : نحن من أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم وتطلق على الدّين والملّة ؛ كقولهم : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) [الزخرف : ٢٣] وتطلق على الحين والزمان ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) [هود : ٨] وقوله ـ جل ذكره ـ : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف : ٤٥] أي : بعد حين ، وتطلق على القامة ، يقال : فلان حسن الأمة ، أي : حسن القامة ، وتطلق على الرجل المنفرد بدين لا يشرك فيه غيره ؛ كقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «يبعث زيد بن عمرو بن نفيل يوم القيامة أمّة وحده» (١).
وتطلق على الأم ، يقال : هذه أمة فلان يعني : أمّه ، وتطلق أيضا على كل جنس من أجناس الحيوان ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لولا أنّ الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها» (٢).
وقال ابن عباس : ـ رضي الله عنه ـ : خلق الله ألف أمة ستمائة في البحر ، وأربعمائة في البر.
قوله تعالى : (قانِتاً لِلَّهِ) القانت : هو القائم بأمر الله تعالى. وقال ابن عبّاس (٣) : مطيعا لأمر الله تعالى.
قوله تعالى : «حنيفا» : [مائلا](٤) إلى ملّة الإسلام ميلا لا يزول عنه ، وقيل حنيفا : مستقيما على دين الإسلام. وقيل : مخلصا.
قال ابن عباس : إنه أول من اختتن وأقام مناسك الحج (٥) ، وهذه صفة الحنيفيّة.
(وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي : أنّه كان من الموحّدين في الصّغر والكبر ، أما في حال صغره : فإنكاره بالقول للكواكب على عدم ربوبيتها ، وأما في كبره : فمناظرته لملك زمانه ، وكسر الأصنام حتى آل أمره أنه ألقي في النار.
قوله تعالى : «شاكرا» يجوز أن يكون خبرا ثالثا ، أو حالا من أحد الضميرين في «قانتا» و«حنيفا».
__________________
(١) ذكره العراقي في «تخريج الإحياء» (١ / ٢٩٢) وقال : أخرجه النسائي في الكبرى من حديث زيد بن حارثة وأسماء بنت أبي بكر بإسنادين جيدين.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ والدارمي في السنن ٢ / ٩٠ ، كتاب الصيد : باب في قتل الكلاب ، وأبو داود في السنن ٣ / ٢٦٧ ، كتاب الصيد : باب في اتخاذ الكلب للصيد وغيره الحديث (٢٨٤٥) ، والترمذي في السنن ٤ / ٨٠ ، كتاب الأحكام والفوائد باب ما جاء من أمسك كلبا ما ينقص من أجره الحديث (١٤٨٩) ، وفي ٤ / ٧٨ ، باب ما جاء في قتل الكلاب الحديث (١٤٨٦) والنسائي في المجتبى من السنن ٧ / ١٨٥ كتاب الصيد والذبائح باب الكلاب التي أمر بقتلها وابن ماجه في السنن ٢ / ١٠٦٩ ، كتاب الصيد : باب النهي عن اقتناء الكلب إلّا كلب صيد الحديث (٣٢٠٥).
(٣) ينظر : الرازي ٤٠ / ١٠٨.
(٤) في أ: الخفيف : المائل.
(٥) تقدم.