٣٣٧٣ ـ أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر (١) |
فإنما ذكره على طريق النّادر.
روى طلحة بن عبيد الله أنه قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : «ما معنى سبحان لله» فقال : «تنزيه الله عن كلّ سوء» (٢).
وقال صاحب النظم (٣) : «السّبح في اللغة التباعد ؛ قال تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) [المزمل : ٧] أي : تباعدا طويلا فمعنى «سبح» : تنزيهه عمّا لاينبغي».
وللتّسبيح معان أخر ؛ قد يكون بمعنى الصلاة ؛ كقوله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) [الصافات : ١٤٣] أي المصلّين والسبحة : صلاة النافلة ، وإنما قيل للمصلّي : «مسبّح» ؛ لأنه معظم لله بالصلاة ، ومنزّه له عمّا لا ينبغي.
وقد يرد التسبيح (٤) بمعنى الاستثناء ؛ كقوله تعالى : (قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) [القلم : ٢٨] أي تستثنون.
وتأويله أيضا يعود إلى تعظيم الله في الاستثناء بمشيئته ، وجاء في الحديث : «لأحرقت سبحات وجهه» (٥) قيل : معناه : وجهه وقيل : معناه : نور وجهه الذي إذا رآه الرّائي ، قال : (سُبْحانَ اللهِ). ويكون (سُبْحانَ اللهِ) بمعنى التعجّب.
وقوله : «أسرى» و«سرى» لغتان ، وتقدّم الكلام عليهما في سورة هود [آية : ٨١] ، وأن بعضهم خصّ «أسرى» باللّيل.
قال الزمخشريّ هنا : فإن قلت : الإسراء لا يكون إلّا ليلا ؛ فما معنى ذكر الليل؟.
قلت : أراد بقوله «ليلا» بلفظ التنكير ، تقليل مدّة الإسراء ، وأنه أسري به في بعض
__________________
(١) البيت للأعشى ، وقد تقدم ، وهو في ديوانه ص ١٩٣ ، وأساس البلاغة ص ٢٠ (سبح) ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٠٩ ، وجمهرة اللغة ص ٢٧٨ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨٥ ، ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ ، والخصائص ٢ / ٤٣٥ ، والدرر ٣ / ٧٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٥٧ وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٥ ، وشرح المفصل ١ / ٣٧ ، ١٢٠ ، والكتاب ١ / ٣٢٤ ، واللسان (سبح) والخصائص ٢ / ١٩٧ ، ٣ / ٢٩ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٦١ ، والمقتضب ٣ / ٢١٨ ، والمقرب ١ / ١٤٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠ ، ٢ / ٥٢.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٣) عن موسى بن طلحة مرفوعا.
وأخرجه البزار (٣٠٨٢ ـ كشف) عن طلحة بن عبيد الله وذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٩٧ ـ ٩٨) وقال رواه البزار وفيه عبد الرحمن بن حماد الطلحي وهو ضعيف بسبب هذا وغيره.
وحديث طلحة ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١١٠) وعزاه إلى الطبري والديلمي والخطيب في «الكفاية» من طرق عنه مرفوعا.
وله شاهد عن ابن عباس موقوفا :
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١١٠) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم والمحاملي في «أماليه».
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١١٦.
(٤) في أ: يكون.
(٥) تقدم.