الرابع : أنها منصوبة على المفعول الأول ل «تتخذوا» والثاني هو «وكيلا» فقدّم ، ويكون «وكيلا» ممّا وقع مفرد اللفظ ، والمعنيّ به جمع ، أي : لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح وكيلا كقوله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) [آل عمران : ٨٠].
الخامس : أنها منصوبة على النداء ، أي : يا ذرية من حملنا ، وهو قول مجاهد وخصّ الواحديّ هذا الوجه بقراءة الخطاب في «تتّخذوا» وهو واضح عليها ، إلا أنه لا يلزم ، وإن كان مكيّ قد منع منه ؛ فإنه قال : «فأمّا من قرأ» «لا يتخذوا» بالياء ف «ذرية» مفعول لا غير ، ويبعد النداء ؛ لأن الياء للغيبة ، والنداء للخطاب ، فلا يجتمعان إلا على بعد» وليس كما زعم ؛ إذ يجوز أن ينادي الإنسان شخصا ، ويخبر عن آخر ، فيقول : «يا زيد ، ينطلق بكر ، وفعلت كذا» و«يا زيد ليفعل عمرو كيت وكيت».
السادس : قال مكيّ : وقيل : نصب على إضمار «أعني» (١). وقرأت (٢) فرقة «ذريّة» بالرفع ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنها خبر مبتدأ مضمر تقديره : هم ذريّة ، ذكره أبو البقاء (٣) وليس بواضح.
والثاني : أنها بدل من واو «تتخذوا» قال ابن عطية : «ولا يجوز ذلك في القراءة بالتاء ، لأنك لا تبدل من ضمير المخاطب ، لو قلت : «ضربتك زيدا» على البدل ، لم يجز».
وردّ عليه أبو حيّان هذا الإطلاق ، وقال : «ينبغي التفصيل ، وهو إن كان بدل بعض أو اشتمال ، جاز ، وإن كان كلّا من كلّ ، وأفاد الإحاطة ؛ نحو : «جئتم كبيركم وصغيركم» جوّزه الأخفش والكوفيون».
قال : «وهو الصحيح».
قال شهاب الدين : وتمثيل ابن عطيّة بقوله «ضربتك زيدا» قد يدفع عنه هذا الرّد.
وقال مكيّ : «ويجوز الرفع في الكلام على قراءة من قرأ بالياء على البدل من المضمر في «يتّخذوا» ولا يحسن ذلك في قراءة التاء ؛ لأنّ المخاطب لا يبدل منه الغائب ، ويجوز الخفض على البدل من بني إسرائيل».
قال شهاب الدّين : أمّا الرفع ، فقد تقدّم أنه قرىء به ، وكأنه لم يطّلع عليه ، وأمّا الجرّ فلم يقرأ به فيما علمت ، ويرد عليه في قوله «لأنّ المخاطب لا يبدل منه الغائب» ما ورد على ابن عطيّة ، بل أولى ؛ لأنه لم يذكر مثالا يبيّن مراده ، كما فعل ابن عطيّة.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) وهي قراءة مجاهد ينظر : الشواذ ٧٤ ، والكشاف ٢ / ٦٤٨ ، والبحر ٦ / ٧ ، والدر المصون ٤ / ٣٧٠.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ٨٨.