ويكون أمرا ؛ كقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].
ويكون حكما ؛ كقوله : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) [يونس : ٩٣] ويكون خلقا ؛ كقوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) ومعناه [في] الآية : أعلمناهم ، وأخبرناهم فيما آتيناهم من الكتب أنه سيفسدون.
وقال ابن عباس وقتادة : «وقضينا عليهم» (١).
و«إلى» بمعنى «على» والمراد بالكتاب اللّوح المحفوظ.
و«قضى» يتعدّى بنفسه : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) [الأحزاب : ٣٧] (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) [القصص : ٢٩] ، وإنما تعدّى هنا ب «إلى» لتضمّنه معنى : أنفذنا وأوحينا ، أي : وأنفذنا إليهم بالقضاء المحتوم. ومتعلق القضاء محذوف ، أي : بفسادهم.
وقوله «لتفسدنّ» جواب قسم محذوف تقديره : والله لتفسدنّ في الأرض مرّتين وهذا القسم مؤكّد لمتعلق القضاء.
ويجوز أن يكون «لتفسدنّ» جوابا لقوله : «وقضينا» ، لأنه ضمّن معنى القسم ، ومنه قولهم : «قضاء الله لأفعلنّ» فيجرون القضاء والنّذر مجرى القسم ، فيتلقّيان بما يتلقّى به القسم.
والعامة على (٢) توحيد «الكتاب» مرادا به الجنس ، وابن جبير وأبو العالية «في الكتب» جمعا ، جاءوا به نصّا في الجمع.
وقرأ العامة بضمّ التّاء وكسر السّين مضارع «أفسد» ، ومفعوله محذوف تقديره : لتفسدنّ الأديان ، ويجوز ألا يقدّر مفعول ، أي : لتوقعنّ الفساد.
وقرأ (٣) ابن عبّاس ونصر بن عليّ وجابر بن زيد (٤) «لتفسدنّ» ببنائه للمفعول ، أي : ليفسدنّكم غيركم : إمّا من الإضلال أو من الغلبة. وقرأ (٥) عيسى بن عمر بفتح التّاء وضمّ السين ، أي : فسدتم بأنفسكم.
قوله : «مرّتين» منصوب على المصدر ، والعامل فيه «لتفسدنّ» لأن التقدير : مرتين من الفساد.
وقوله : «علوّا» العامة على ضمّ العين واللام مصدر علا يعلو ، وقرأ (٦) زيد بن عليّ
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٩٦) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٢) ينظر : الشواذ ٧٤ ، والبحر ٦ / ٨ والدر المصون ٤ / ٣٧١.
(٣) ينظر : المحتسب ٢ / ١٤ ، والشواذ ٧٥ ، والكشاف ٢ / ٦٤٩ ، والقرطبي ١٠ / ١٤١ ، والبحر ٦ / ٨ ، والدر المصون ٤ / ٣٧١.
(٤) في أ: يزيد.
(٥) ينظر مراجع القراءة السابقة.
(٦) ينظر : البحر ٦ / ٨ ، والدر المصون ٤ / ٣٧١.