٣٣٨٠ ـ .......... |
|
فخرّ صريعا لليدين وللفم (١) |
أي : على اليدين. وحروف الإضافة يقوم بعضها مقام بعض ؛ كقوله : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) [الزلزلة : ٥] أي : إليها.
والثاني : أنها بمعنى «إلى».
قال الطبريّ : «أي : فإليها ترجع الإساءة».
الثالث : أنها على بابها ، وإنما أتى بها دون «على» للمقابلة في قوله : «لأنفسكم» فأتى بها ازدواجا.
وهذه اللام يجوز أن تتعلق بفعل مقدر كما تقدّم في قول الطبريّ ، وإمّا بمحذوف على أنها خبر لمبتدأ محذوف تقديره : فلها الإساءة لا لغيرها.
قال الواحدي (٢) : «لا بدّ في الآية من إضمار ؛ والتقدير : وقلنا : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ ، أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) والمعنى : إن أحسنتم بفعل الطاعات ، فقد أحسنتم إلى أنفسكم من حيث إن تفعلوا تلك الطاعة يفتح الله عليكم أبواب الخيرات والبركات وإن أسأتم بفعل المحرّمات ، أسأتم إلى أنفسكم من حيث إنّ شؤم تلك المعاصي يفتح الله عليكم أبواب العقوبة (٣).
قال أهل المعاني : «هذه الآية تدلّ على أن رحمة الله تعالى غالبة على غضبه ؛ بدليل أنّه لما حكى عنهم الإحسان ، أعاده مرتين ؛ فقال : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) ولما حكى عنهم الإساءة ، اقتصر على ذكرها مرة واحدة ، فقال : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) ولولا أن جانب الرحمة غالب ، وإلّا لما كان ذلك».
قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) ، أي : المرّة الآخرة ، فحذفت «المرّة» للدلالة عليها ، وجواب الشرط محذوف ، تقديره : بعثناهم ، ليسوءوا وجوهكم ، وإنما حسن هذا الحذف لدلالة ما تقدّم عليه من قوله : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) والمرة الآخرة هي إقدامهم على قتل زكريا ويحيى ـ عليهما الصلاة والسلام ـ وقصدهم قتل عيسى حين رفع.
قال الواحدي (٤) : «فبعث الله عليهم بختنصّر البابليّ المجوسيّ ، فسبى بني إسرائيل ، وقتل ، وخرّب بيت المقدس ، وسلّط عليهم الفرس والرّوم : خردوش وطيطوس ؛ حتّى قتلوهم ، وسبوهم ، ونفوهم عن ديارهم».
قال ابن الخطيب (٥) : «والتواريخ تشهد أنّ بختنصر كان قبل بعث عيسى وزكريّا بسنين متطاولة ، ومعلوم أنّ الملك الذي انتقم من اليهود بسبب هؤلاء ملك من الرّوم ، يقال له : قسطنطين».
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١٢٦.
(٣) سقط من : أ.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١٢٧.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢٠ / ١٢٧.