عنه ـ أنه قال في هذه الآية : كان الأصل : «ووصّى ربّك» ، فالتصقت إحدى الواوين بالصّاد ، فصارت قافا فقرىء «وقضى ربّك» (١).
ثم قال : ولو كان على القضاء ما عصى الله أحد قط ؛ لأنّ خلاف قضاء الله ممتنع ، هذا رواه عنه الضحاك بن مزاحم (٢) ، وسعيد بن جبير ، وهو قراءة عليّ وعبد الله.
وهذا القول بعيد جدّا ؛ لأنّه يفتح باب أنّ التحريف والتغيير قد تطرق إلى القرآن ، ولو جوّزنا ذلك ، لارتفع الأمان عن القرآن ، وذلك يخرجه عن كونه حجّة ، وذلك طعن عظيم في الدّين.
وقرأ الجمهور «قضى» فعلا ماضيا ، فقيل : هي على موضوعها الأصلي ؛ قال ابن عطية: «ويكون الضمير في «تعبدوا» للمؤمنين من الناس إلى يوم القيامة».
وقال ابن عبّاس وقتادة والحسن بمعنى : أمر (٣).
وقال مجاهد : بمعنى : أوصى (٤).
وقال الربيع بن أنس : أوجب وألزم (٥).
وقيل بمعنى : حكم.
وقرأ بعض ولد معاذ بن جبل : «وقضاء ربّك» اسما مصدرا مرفوعا بالابتداء ، و (أَلَّا تَعْبُدُوا) خبره.
قوله تعالى : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) : يجوز أن تكون «أن» مفسرة ؛ لأنها بعد ما هو بمعنى القول ، و«لا» ناهية ، ويجوز أن تكون الناصبة ، و«لا» نافية ، أي : بأن لا ، ويجوز أن تكون المخففة ، واسمها ضمير الشأن ، و«لا» ناهية أيضا ، والجملة خبرها ، وفيه إشكال ؛ من حيث وقوع الطّلب خبرا لهذا الباب ، ومثله في هذا الإشكال قوله : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) [النمل : ٨] ، وقوله : (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) [النور : ٩] لكونه دعاء ، وهو طلب أيضا ، ويجوز أن تكون الناصبة ، و«لا» زائدة. [قال أبو البقاء (٦) : «ويجوز أن
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٠٩) وزاد نسبته إلى الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن الأنباري في «المصاحف» من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٠٩) وعزاه إلى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس.
وأخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨) عن الضحاك من قوله.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٠٩) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٥٨) وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١١٠).
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١١٠).
(٦) ينظر : الإملاء ٢ / ٩٠.