قرأ (١) ابن ذكوان : «خطأ» بفتح الخاء والطاء من غير مدّ ، وابن كثير بكسر الخاء والمدّ ، ويلزم منه فتح الطاء ، والباقون بكسر الخاء وسكون الطاء.
فأمّا قراءة ابن ذكوان ، فخرّجها الزجاج (٢) على وجهين :
أحدهما : أن يكون اسم مصدر ؛ من أخطأ يخطىء خطأ ، أي : إخطاء ، إذا لم يصب.
والثاني : أن يكون مصدر خطىء يخطأ خطأ ، إذا لم يصب أيضا ، وأنشد : [الكامل]
٣٤١٢ ـ والنّاس يلحون الأمير إذا هم |
|
خطئوا الصّواب ولا يلام المرشد (٣) |
والمعنى على هذين الوجهين : أنّ قتلهم كان غير صواب ، واستبعد قوم هذه القراءة قالوا : لأنّ الخطأ ما لم يتعمّد ، فلا يصحّ معناه.
وخفي عنهم : أنه يكون بمعنى أخطأ ، أو أنه يقال : «خطىء» إذا لم يصب.
وأمّا قراءة ابن كثير ، فهي مصدر : خاطأ يخاطىء خطاء ؛ مثل : قاتل يقاتل قتالا ، قال أبو عليّ : «هي مصدر خاطأ يخاطىء ، وإن كنّا لم نجد «خاطأ» ولكن وجدنا تخاطأ ، وهو مطاوع «خاطأ» فدلّنا عليه ، ومنه قول الشاعر : [المتقارب]
٣٤١٣ ـ تخاطأت النّبل أحشاءه |
|
وأخّر يومي فلم يعجل (٤) |
وقال الآخر : [الطويل]
٣٤١٤ ـ تخاطأه القنّاص حتّى وجدته |
|
وخرطومه في منقع الماء راسب (٥) |
فكأنّ هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحقّ والعدل».
وقد طعن قوم على هذه القراءة حتّى قال أبو جعفر ـ رحمهالله ـ : «لا أعرف لهذه القراءة وجها» ولذلك جعلها أبو حاتم غلطا.
قال شهاب الدين : قد عرفه غيرهما ، ولله الحمد.
وأما قراءة الباقين فواضحة ؛ لأنّها من قولهم : خطىء يخطأ خطئا ، كأثم يأثم إثما ، إذا تعمّد الكذب.
__________________
(١) ينظر في قراءاتها : السبعة ٣٧٩ ، والحجة ٤٠٠ ، والنشر ٢ / ٣٠٧ ، والإتحاف ٢ / ١٩٧ ، والحجة للقراء السبعة ٥ / ٩٦ ، والشواذ ٧٦ ، والكشاف ٢ / ٦٦٤ ، والقرطبي ١٠ / ١٦٥ ، والبحر ٦ / ٢٩ ، والدر المصون ٤ / ٣٨٧.
(٢) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٣ / ٢٣٦.
(٣) البيت للبيد بن ربيعة ينظر : ملحقات ديوانه ٢٣٣ ، المحتسب ٢ / ٢٠ ، اللسان «أمر» الدر المصون ٤ / ٣٨٧.
(٤) البيت لأوفى المازني ينظر : مجاز القرآن ٢ / ٥ ، البحر ٦ / ٢٩ ، القرطبي ١٠ / ١٦٥ ، اللسان «خطا» ، الدر المصون ٤ / ٣٨٨.
(٥) ينظر : البحر ٦ / ٢٩ ، القرطبي ١٠ / ١٦٥ ، روح المعاني ١٥ / ٦٧ ، الدر المصون ٤ / ٣٨٨.