(وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) [البقرة : ٢٧٥] و (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) [النساء : ٢٩] (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة : ٢٨٢]. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١].
وقوله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : «لا يحلّ مال امرىء مسلم إلّا بطيب نفس منه»(١).
وقوله : «إذا اختلف الجنسان ، فبيعوا كيف شئتم يدا بيد» (٢).
وقوله : «من اشترى ما لم يره ، فله الخيار إذا رآه» (٣).
فجميع هذه الآيات والأخبار دالة على أنّ الأصل في البياعات والعهود والعقود الصحة ووجوب الالتزام.
فإذا وجدنا نصّا أخصّ من هذه النصوص يدلّ على البطلان والفساد ، قضينا به ؛ تقديما للخاصّ على العام ، وإلا قضينا بالصحة على الكلّ ، وأما تخصيص النصّ بالقياس ، فباطل ، وبهذا الطريق تصير أبواب المعاملات جميعها (٤) مضبوطة معلومة بهذه الآية الواحدة ، ويكون المكلّف مطمئن القلب والنّفس في العمل ؛ لأنّ هذه النصوص دلّت على الصحّة ، وليس بعد بيان الله تعالى بيان.
قوله تعالى : (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) عن الوفاء بعهده ؛ كقوله عزوجل : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
والثاني : أنّ الضمير يعود على العهد ، ونسب السؤال إليه مجازا ؛ كقوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : ٨ ، ٩].
أي : يقال للعهد عن صاحب العهد : لم نقضت ، وهلّا وفّى بك ؛ تبكيتا للنّاكث كقوله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي) [المائدة : ١١٦] ، فالمخاطبة لعيسى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ والإنكار على غيره.
وقال السديّ : (كانَ مَسْؤُلاً) ، أي مطلوبا يطلب من المعاهد ألا يضيّعه ويفي به (٥).
__________________
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٧٢ ـ ٧٣) والدارمي (٢ / ٢٤٦) كتاب البيوع : باب في الربا الذي كان في الجاهلية وأبو يعلى (٣ / ١٣٩) رقم (١٥٧٠) والدار قطني (٣ / ٢٦) والبيهقي (٦ / ١٠٠) من حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه.
(٢) أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده (٢ / ٤٣ ، ٤٥) وذكره القرطبي في «تفسيره» (١٠ / ٨٦).
(٣) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (٢ / ٣٢١) وقال : رواه القضاعي والبيهقي والديلمي عن أبي هريرة وفي سنده عمر بن إبراهيم الكردي وضاع.
(٤) في ب : كلها.
(٥) ذكره الرازي في «تفسيره» (٣ / ١١٤).