وقيل : معناه أنّهم ليسوا بأعجب من آياتنا ؛ فإنّ ما خلقت من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم ، فكيف يستبعد من قدرته ورحمته حفظ طائفة مدة ثلاثمائة سنة وأكثر؟ هذا وجه النظم.
وقد تقدّم سبب نزول قصّة أصحاب الكهف عند قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) [الإسراء : ٨٥].
والكهف هو الغار في الجبل وقيل : مطلق الغار ، وقيل : هو ما اتسع في الجبل ، فإن لم يتّسع ، فهو غار ، والجمع «كهوف» في الكثرة ، و«أكهف» في القلّة.
والرّقيم : قيل : بمعنى مرقوم.
وعلى هذا قال أهل المعاني (١) : الرّقيم الكتاب.
ومنه قوله : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) [المطففين : ٩] أي : مكتوب.
قال الفراء : الرقيم لوح كان فيه أسماؤهم وصفاتهم ، وسمّي رقيما ؛ لأنّ أسماءهم كانت مرقومة فيه.
قال سعيد بن جبير ، ومجاهد : كان لوحا من حجارة (٢) ، وقيل : من رصاص ، كتبنا فيه أسماءهم وصفاتهم ، وشدّ ذلك اللّوح على باب الكهف ، وهو أظهر الأقوال.
وقيل : بمعنى راقم ، وقيل : هو اسم الكلب الذي لأصحاب الكهف ، وأنشدوا لأمية بن أبي الصّلت : [الطّويل]
٣٤٨٦ ـ وليس بها إلّا الرّقيم مجاورا |
|
وصيدهم ، والقوم بالكهف همّد (٣) |
وروى عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قال : كلّ القرآن معلوم إلا أربعة : غسلين ، وحنانا ، والأوّاه ، والرّقيم (٤).
وروى عكرمة عن ابن عبّاس أنه سئل عن الرّقيم فقال : زعم كعب أنّها القرية التي خرجوا منها (٥) ، وهو قول السديّ.
وحكي عن ابن عباس : أنّه اسم للوادي الذي فيه أصحاب الكهف ، وعلى هذا هو من رقمة الوادي ، وهو جانبه (٦).
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٧٠.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٨٤) عن سعيد بن جبير وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر البيت في البحر ٦ / ٩١ ، الدر المصون ٤ / ٤٣٥.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٨٤) وعزاه إلى عبد الرزاق.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٨٤) وعزاه إلى سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاج في «أماليه» وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي (١٠ / ٢٣٢) والبغوي (٣ / ١٤٥).