قوله : (إِذْ يَتَنازَعُونَ) يجوز أن يعمل فيه «أعثرنا» أو «ليعلموا» أو لمعنى «حقّ» أو ل «وعد» عند من يتّسع في الظرف ، وأمّا من لا يتّسع ، فلا يجوز عنده الإخبار عن الموصول قبل تمام صلته.
واختلف في هذا التّنازع ، فقيل : كانوا يتنازعون في صحّة البعث ، فاستدلّ القائلون بصحّة هذه الواقعة ، وقالوا : كما قدر الله على حفظ أجسادهم مدّة ثلاثمائة وتسع سنين ، فكذلك يقدر على حشر الأجساد بعد موتها.
وقيل : إنّ الملك وقومه ، لما رأوا أصحاب الكهف ، ووقفوا على أحوالهم ، عاد القوم إلى كهفهم ، فأماتهم الله ، فعند هذا اختلف الناس ، فقال قوم : إنّ بعضهم قال : إنّهم نيام ، كالكرّة الأولى.
وقال آخرون : بل الآن ماتوا.
وقيل : إن بعضهم ، قال : سدّوا عليهم باب الكهف ؛ لئلّا يدخل أحد عليهم ، ويقف على أحوالهم.
وقال آخرون : بل الأولى أن يبنى على باب الكهف مسجد ، وهذا القول يدلّ على أنّ هؤلاء القوم كانوا عارفين بالله تعالى ، ويعترفون بالعبادة والصلاة.
وقيل : إنّ الكفار قالوا : إنهم على ديننا ، فنتخذ عليهم بنيانا ، وقال المسلمون [إنهم] على ديننا ، فنتخذ عليهم مسجدا.
وقيل : تنازعوا في مقدار مكثهم.
وقيل : تنازعوا في عددهم ، وأسمائهم.
قوله : «بنيانا» يجوز أن يكون مفعولا به ، جمع بنيانة ، وأن يكون مصدرا.
قوله : (رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) يجوز أن يكون من كلام الله تعالى ، وأن يكون من كلام المتنازعين فيهم ، ثم قال (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) قيل : هو الملك المسلم ، واسمه بيدروس وقيل : رؤساء البلد.
قوله «غلبوا» قرأ (١) عيسى الثقفيّ ، والحسن بضمّ الغين ، وكسر اللام.
قوله : (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) يعبد الله فيه ، ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد.
قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ
__________________
(١) ينظر : الإتحاف ٢ / ٢١٢ ، والبحر المحيط ٦ / ١٠٩ ، والدر المصون ٤ / ٤٤٤.