وعن سعيد بن جبير : بعد سنة ، أو شهر ، أو أسبوع ، أو يوم (١).
وعن عطاء : بمقدار حلب ناقة غزيرة (٢).
وعند عامة الفقهاء : لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولا ، وقالوا : لأنا لو جوّزنا ذلك ، لزم ألّا يستقرّ شيء من العهود والأيمان.
[يحكى](٣) أنه بلغ المنصور أنّ أبا حنيفة خالف ابن عبّاس في الاستثناء المنفصل ، فاستحضره ؛ لينكر عليه ، فقال له أبو حنيفة : هذا يرجع عليك ؛ فإنك تأخذ البيعة بالأيمان ، أترضى أن يخرجوا من عندك ، فيستثنوا ، فيخرجوا عليك ، فاستحسن المنصور كلامه ، ورضي عنه.
واعلم أن هذا تخصيص النصّ بالقياس ، وفيه ما فيه.
وأيضا فلو قال : (إِنْ شاءَ اللهُ) خفية ؛ بحيث لا يسمع ، كان دافعا للحنث بالإجماع ، مع أنّ المحظور باق ، فما عوّلوا عليه ليس بقويّ ، [والأولى](٤) أن يحتجّ في وجوب كون الاستثناء متّصلا بالآيات الكثيرة الدالة على وجوب الوفاء بالعقد والعهد ؛ كقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١] (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) [الإسراء : ٣٤] ، فإذا أتى بعهد ، وجب عليه الوفاء بمقتضاه بهذه الآيات.
خالفنا الدليل فيما إذا كان متّصلا ؛ لأن الاستثناء مع المستثنى منه كالكلام الواحد ؛ بدليل أنّ الاستثناء وحده لا يفيد شيئا ، فهو جار مجرى بعض الكلمة الواحدة ، فجملة الكلام كالكلمة الواحدة المفيدة ، وإذا كان كذلك ، فإن لم يكن منفصلا ، حصل الالتزام التّامّ بالكلام ؛ فوجب عليه الوفاء بذلك المتلزم.
وقيل : إن قوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) كلام مستأنف لا تعلّق له بما قبله.
فصل
قال عكرمة : واذكر ربّك ، إذا غضبت (٥).
وقال وهب : مكتوب في الإنجيل «ابن آدم ، اذكرني حين تغضب ، أذكرك حين أغضب» (٦).
__________________
(١) ينظر : تفسير الماوردي (٣ / ٢٩٩).
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٩٤) وعزاه إلى ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء.
(٣) في أ: فالجواب : يحكى.
(٤) في أ: والأقوى.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٠٩) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٩٥) وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٥٧).