والباقون بالياء عودا على الكفار ، وقرأ الأعمش وطلحة (١) والجحدري وجم غفير بالتاء من فوق في الفعلين.
قوله (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) قد تقدم الخلاف في «ينزّل» بالنسبة إلى التشديد والتخفيف في البقرة (٢).
وقرأ زيد بن عليّ والأعمش وأبو بكر عن عاصم «تنزّل» [مشددا](٣) مبنيّا للمفعول وبالتاء من فوق. «الملائكة» رفعا لقيامه مقام الفاعل ، وقرأ الجحدري (٤) : كذلك إلا أنه خفّف الزّاي.
وقرأ الحسن ، والأعرج ، وأبو العالية (٥) ـ رحمهمالله ـ عن عاصم بتاء واحدة من فوق ، وتشديد الزاي مبنيا للفاعل ، والأصل تتنزل بتاءين.
وقرأ ابن أبي (٦) عبلة : «ننزّل» بنونين وتشديد الزّاي «الملائكة» نصبا ، وقتادة كذلك إلّا أنّه بالتخفيف.
قال ابن عطية (٧) : «وفيهما شذوذ كبير» ولم يبين وجه ذلك.
ووجهه أنّ ما قبله وما بعده ضمير غائب ، وتخريجه على الالتفات.
قوله «بالرّوح» يجوز أن يكون متعلقا بنفس الإنزال ، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من الملائكة ، أي : ومعهم الروح.
قوله (مِنْ أَمْرِهِ) حال من الروح ، و«من» إمّا لبيان الجنس ، وإما للتبعيض.
قوله (أَنْ أَنْذِرُوا) في «أن» ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّها المفسرة ؛ لأن الوحي فيه ضرب من [القول](٨) ، والإنزال بالروح عبارة عن الوحي ؛ قال تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] وقال : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) [غافر : ١٥].
الثاني : أنها المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف ، تقديره : أنّ الشأن أقول لكم : أنه لا إله إلا أنا ، قاله الزمخشري (٩).
الثالث : أنها المصدرية التي من شأنها نصب المضارع ، ووصلت بالأمر ؛ كقولهم : كتبت إليه بأن قم ، وتقدم البحث فيه.
__________________
(١) ينظر : البحر ٥ / ٤٥٩ ، والدر المصون ٤ / ٣١١.
(٢) ينظر : الحجة ٣٨٥ ، والسبعة لأبي علي الفارسي ٥ / ٥٣ والبحر ٥ / ٤٥٩ ، والدر المصون ٤ / ٣١١.
(٣) في ب : بالتشديد.
(٤) ينظر : البحر ٥ / ٤٥٩ ، والدر المصون ٤ / ٣١١.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٣٧٨.
(٨) في ب : القرآن.
(٩) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٩٣.