يكون مضافا لمفعوله ، وقال : إنّ «هلك» يتعدّى دون همز ، وأنشد : [الرجز]
٣٥٤٢ ـ ومهمه هالك من تعرّجا (١)
ف «من» معمول ل «هالك» وقد منع النّاس ذلك ، وقالوا : لا دليل في البيت ؛ لجواز أن يكون ذلك من باب الصفة المشبهة ، والأصل : هالك من تعرّجا.
ف «من تعرّج» فاعل الهالك ، ثم أضمر في «هالك» ضمير «مهمه» ونصب «من تعرّج» نصب «الوجه» في قولك : «مررت برجل حسن الوجه» ثم أضاف الصفة ، وهي «هالك» إلى معمولها ، فالإضافة من نصب ، والنصب من رفع ، فهو كقولك : «زيد منطلق اللسان ، ومنبسط الكفّ» ولولا تقدير النصب ، لا متنعت الإضافة ؛ إذ اسم الفاعل لا يضاف إلى مرفوعه ، وقد يقال : لا حاجة إلى تقدير النصب ؛ إذ هذا جار مجرى الصفة المشبهة ، والصفة المشبهة تضاف إلى مرفوعها ، إلا أنّ هذا مبنيّ على خلاف آخر ، وهو : هل يقع الموصول في باب الصفة أم لا؟ والصحيح جوازه ، قال الشاعر : [البسيط]
٣٥٤٣ ـ فعجتها قبل الأخيار منزلة |
|
والطّيبي كلّ ما التاثت به الأزر (٢) |
وقال الهذليّ : [الطويل]
٣٥٤٤ ـ أسيلات أبدان دقاق خصورها |
|
وثيرات ما التفّت عليها الملاحف (٣) |
وقال أبو حيّان في قراءة أبي بكر هذه : «إنّه زمان» ولم يذكر غيره ، وجوّز غيره فيه الزمان والمصدر ، وهو عجيب ؛ فإنّ الفعل متى كسرت عين مضارعه ، فتحت في المفعل مرادا به المصدر ، وكسرت فيه مرادا به الزمان والمكان ، وكأنّه اشتبهت عليه بقراءة حفص ؛ فإنّه بكسر اللام ، كما تقدّم ، فالمفعل منه للزّمان والمكان.
وجوّز أبو البقاء (٤) في قراءته أن يكون المفعل فيها مصدرا ، قال : «وشذّ فيه الكسر كالمرجع» وإذا قلنا : إنّه مصدر ، فهل هو مضاف لفاعله ، أو مفعوله؟ يجيء ما تقدّم في قراءة رفيقه ، وتخريج أبي عليّ ، واستشهاده بالبيت ، والردّ عليه ، كل ذلك عائد هنا.
وأمّا قراءة الباقين ، فواضحة ، و«مهلك» فيها يجوز أن يكون مصدرا مضافا لمفعوله أي لإهلاكهم ، وأن يكون زمانا ، ويبعد أن يراد به المفعول ، أي : وجعلنا للشخص ، أو للفريق المهلك منهم.
__________________
(١) البيت للعجاج. ينظر : ديوانه ٣٦٧ ، الخصائص ٢ / ٢١٠ ، المقتضب ٤ / ١٨٠ ، المحتسب ١ / ٩٢ ، البحر ٦ / ١٣٣ ، اللسان «هلك» والتهذيب «هلك» ، الدر المصون ٤ / ٤٦٧.
(٢) البيت للفرزدق ينظر : ديوانه (١ / ١٨٢) ، البحر ٦ / ١٣٣ ، الأشموني ٣ / ٦ ، التصريح ٢ / ٨٥ ، حاشية يس ٢ / ٨٥ ، الدر المصون ٤ / ٤٦٧.
(٣) البيت لعمر بن أبي ربيعة ، وينسب للهذلي ؛ ينظر في ديوان عمر ٢٥٤ ، البحر ٦ / ١٣٣ ، روح المعاني ١٥ / ٣٠٧ ، الدر المصون ٤ / ٤٦٨.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ١٠٥.