صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «سمّي ذا القرنين لأنّه طاف قرني الدّنيا شرقها وغربها» (١).
قال ابن الخطيب : إلّا أنّ فيه إشكالا قويّا ، وهو أن الإسكندر كان تلميذ أرسطاطاليس الحكيم ، وكان على مذهبه ، فتعظيم الله إيّاه يوجب الحكم بأنّ مذهب أرسطاطاليس حقّ وصدق ، وذلك ممّا لا سبيل إليه.
قال ابن كثير : روي عن ابن عباس : أنّ اسم ذي القرنين عبد الله بن الضحاك.
وقيل : مصعب بن عبد الله بن قينان بن منصور بن عبد الله بن الآزر بن عون بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن قحطان.
وروي أنّه كان من حمير ، وأمّه روميّة ، وأنه كان يقال له الفيلسوف ؛ لعقله.
وقال السهيليّ (٢) : قيل : كان اسمه مرزبي بن مرذبة ذكره ابن هشام ، وهو أول التّبابعة.
وقيل : إنه أفريدون بن أثفيان الذي قتل الضحاك ويروى في خطبة قيس بن ساعدة التي خطبها بسوق عكاظ ، أنه قال فيها يا معشر إياد أين الصعب ذو القرنين ملك الخافقين ، وأوّل المسلمين ، وعمر ألفين ، ثم كان ذلك كطرفة عين ، وأنشد ابن هشام : [الكامل]
والصّعب ذو القرنين أصبح ثاويا |
|
بالحنو حيث أميم مقيم (٣) |
أمّا ذو القرنين الثاني فهو الإسكندر بن فيلبس بن مصريم بن هرمس بن هردوس ابن ميطون بن رومي بن نويط بن نوفيل بن ليطى بن يونان بن يافث بن نوح بن سرحون بن رومي بن قريط بن نوفيل بن رومي بن الأصفر بن اليغز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ـ عليهالسلام ـ كذا نسبه ابن عساكر المقدوني اليوناني المصري باني الإسكندرية الذي يؤرّخ بأيّامه الروم ، وكان متأخّرا عن الأول بدهر طويل ، وكان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة ، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف ، وهو قتل دارا بن دارا [ملك] ملوك الفرس.
وإنما نبهنا على هذا ؛ لأنّ كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد ، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطاطاليس وزيره ، فيقع بذلك خطأ كثير ؛ فإنّ الأول كان مؤمنا عبدا صالحا ، وملكا عادلا ، وكان وزيره الخضر ـ عليهماالسلام ـ وكان نبيّا ، وأمّا الثاني فكان مشركا ، وكان وزيره فيلسوفا ، وكان بين زمانيهما أزيد من ألفي [سنة] فأين هذا من هذا؟.
قوله : «سأتلو» : دخلت السين ها هنا ؛ لأنّ المعنى أني سأفعل هذا إن وفّقني الله عليه ، وأنزل عليّ وحيا ، وأخبرني عن كيفية تلك الحال.
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ٢١ / ١٤٠.
(٢) ينظر : الروض الأنف ٢ / ٥٩.
(٣) البيت أنشده ابن هشام للأعشى وهو في الروض الأنف ٢ / ٥٩.