وقيل : الفردوس : الجنّة من الكرم خاصّة.
وقيل : ما كان عاليها كرما.
وقيل : كلّ ما حوّط عليه ، فهو فردوس.
وقال المبرّد : الفردوس فيما سمعت من العرب : الشّجر الملتفّ ، والأغلب عليه : أن يكون من العنب ، واختلفوا فيه :
فقيل : هو عربيّ ، وقيل : هو أعجميّ ، وقيل : هو روميّ ، أو فارسيّ ، أو سريانيّ ، قيل: ولم يسمع في كلام العرب إلّا في قول (١) حسّان : [الطويل]
٣٥٧٢ ـ وإنّ ثواب الله كلّ موحّد |
|
جنان من الفردوس فيها يخلّد (٢) |
وهذا ليس بصحيح ؛ لأنّه سمع في شعر أميّة بن أبي الصّلت : [البسيط]
٣٥٧٣ ـ كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة |
|
فيها الفراديس ثمّ الثّوم والبصل (٣) |
ويقال : كرم مفردس ، أي : معرّش ، ولهذا سمّيت الروضة التي دون اليمامة فردوسا.
وإضافة جنّات إلى الفردوس إضافة تبيين ، وجمعه فراديس ؛ قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «في الجنّة مائة درجة ما بين كلّ درجة مسيرة مائة عام ، والفردوس أعلاها درجة ، وفيها الأنهار الأربعة ، والفردوس من فوقها ، فإذا سألتم الله تعالى ، فاسألوه الفردوس ؛ فإنّ فوقها عرش الرّحمن ، ومنها تفجّر أنهار الجنّة» (٤).
قوله : «نزلا» : فيه ما تقدّم : من كونه اسم مكان النزول ، أو ما يعدّ للضّيف ، وفي نصبه وجهان :
أحدهما : أنه خبر «كانت» و«لهم» متعلّق بمحذوف على أنّه حال من «نزلا» أو على البيان ، أو ب «كانت» عند من يرى ذلك.
والثاني : أنه حال من «جنّات» أي : ذوات نزل ، والخبر الجارّ.
وإذا قلنا بأنّ النّزل هو ما يهيّأ للنّازل ، فالمعنى : كانت لهم ثمار جنّات الفردوس ، ونعيمها نزلا ، ومعنى (كانَتْ لَهُمْ) أي : في علم الله قبل أن يخلقوا.
__________________
(١) في ب : بيت.
(٢) ينظر البيت في البحر المحيط ٦ / ١٥٩ ، الأشموني ٢ / ٢٨٨ ، الشذور ١٣٤ ، الهمع ٢ / ٩٥ ، الدرر ٢ / ١٢٨ ، الدر المصون ٤ / ٤٨٨.
(٣) ينظر : ديوانه (٦١) ، والبحر المحيط ٦ / ١٥٩ ، والطبري ١٦ / ٢٩ ، والقرطبي ١١ / ٣٦ ، وروح المعاني ١٦ / ٥٠ ، والدر المصون ٤ / ٤٨٨.
(٤) أخرجه البخاري (٦ / ١٤) كتاب الجهاد : باب درجات المجاهدين حديث (٢٧٩٠) والترمذي (٤ / ٥٨٣) كتاب صفة الجنة باب ما جاء في صفات درجات الجنة حديث (٢٥٣١) من حديث أبي هريرة.