ودخلوها ، وضجّوا بالتّكبير ، ونزلوا في مواضع عساكرهم (١) ، وأحاطوا بعثمان وقالوا : من كفّ يده فهو آمن.
ولزم النّاس بيوتهم ، فأتى عليّ رضياللهعنه فقال. ما ردّكم بعد ذهابكم؟ قالوا : وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا ، وقال الكوفيّون والبصريّون : نحن نمنع إخواننا وننصرهم. فعلم النّاس أنّ ذلك مكر منهم.
وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدّهم ، فساروا اليه على الصّعب والذّلول ، فبعث معاوية اليه حبيب بن مسلمة ، وبعث ابن أبي سرح معاوية بن حديج (٢) وسار إليه من الكوفة القعقاع بن عمرو.
فلمّا كان يوم الجمعة صلّى عثمان بالنّاس وخطب فقال : يا هؤلاء الغزّاء (٣) الله الله ، فو الله إنّ أهل المدينة ليعلمون أنّكم ملعونون على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم ، فامحوا الخطأ بالصّواب ، فإنّ الله لا يمحو السّيّء إلّا بالحسن ، فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا أشهد بذلك ، فأقعده حكيم بن جبلة ، فقام زيد بن ثابت فقال : ابغني الكتاب ، فثار اليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة (٤) فأقعده وتكلّم فأفظع ، وثار القوم بأجمعهم. فحصبوا النّاس حتّى أخرجوهم (٥) ، وحصبوا عثمان حتّى صرع عن المنبر مغشيّا عليه ، فاحتمل وأدخل الدّار.
__________________
(١) في منتقى ابن الملا (عشائرهم) عوض (عساكرهم) ، وما أثبتناه يوافق الطبري ، وابن عساكر.
(٢) في منتقى الأحمدية (خذيج) ، وهو تصحيف.
(٣) في نسخة دار الكتب (الغزاة) ، وفي تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٣ «العدي» ، وما أثبتناه عن الأصل وتاريخ دمشق ٣٢٠.
(٤) في ع (أبي صبيرة) وهو تحريف ، والتصحيح من النسخ وتاريخ الطبري ، وتاريخ ابن عساكر.
(٥) أي من المسجد ، كما في تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٣.