فأتاهم ابن مسلمة ، فلم يزل بهم حتّى رجعوا ، فلمّا كانوا بالبويب (١) رأوا جملا عليه ميسم الصّدقة ، فأخذوه ، فإذا غلام لعثمان ، ففتّشوا متاعه ، فوجدوا قصبة من رصاص ، فيها كتاب في جوف الإداوة (٢) في الماء : إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن أفعل بفلان كذا ، وبفلان كذا ، من القوم الذين شرعوا في قتل عثمان ، فرجع القوم ثانية ونازلوا عثمان وحصروه (٣).
قال الواقديّ : فحدّثني عبد الله بن الحارث ، عن أبيه قال : أنكر عثمان أن يكون كتب ذلك الكتاب وقال : فعل ذلك بلا أمري (٤).
وقال أبو نضرة ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد ، فذكر طرفا من الحديث (٥) ، إلى أن قال : ثم رجعوا راضين ، فبينما هم بالطّريق ظفروا برسول إلى عامل مصر أن يصلّبهم ويفعل (٦) ، فردّوا إلى المدينة ، فأتوا عليّا فقالوا : ألم تر إلى عدوّ الله ، فقم معنا ، قال : والله لا أقوم معكم ، قالوا : فلم كتبت إلينا؟ قال : والله ما كتبت إليكم ، فنظر بعضهم إلى بعض.
وخرج عليّ من المدينة ، فانطلقوا إلى عثمان فقالوا : أكتبت فينا بكذا؟ فقال : إنّما هما اثنان ، تقيمون رجلين من المسلمين ـ يعني شاهدين ـ ، أو
__________________
(١) في النسخة (ع) ومنتقى الأحمدية «التويت» وهو تصحيف ، والتصحيح من معجم البلدان ١ / ٥١٢ وهو مدخل أهل الحجاز إلى مصر.
(٢) في طبقات ابن سعد «الإدارة» ، والمثبت هو الصواب. والإداوة : إناء صغير من جلد يتّخذ للماء.
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٦٥ ، أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٥٥١ و ٥٥٥ رقم ١٤١٤ و ١٤١٧ ، تاريخ الطبري ٤ / ٣٧٥ ، تاريخ دمشق ٣٢١ ، ٣٢٢.
(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٦٥ ، تاريخ دمشق ٣٢٢ وفيه «فعل ذلك دوني».
(٥) الحديث في تاريخ خليفة ١٦٩ وتاريخ دمشق ٣٢٧.
(٦) في منتقى الأحمدية «ويفعل ويفعل».