هي إلّا ثلاث حتّى نرى معالم الشّام ، فقال : بئس ما أشرت به ، وأبى أن يجيبه ، فأسرع معاوية راجعا ، وورد المسور يريد المدينة بذي المروة راجعا. وقدم على عثمان وهو ذامّ لمعاوية غير عاذر له.
فلمّا كان في حصره الآخر ، بعث المسور (١) ثانيا إلى معاوية لينجده فقال : إنّ عثمان أحسن فأحسن الله به ، ثمّ غيّر فغيّر الله به ، فشددت عليه فقال : تركتم عثمان حتى إذا كانت نفسه في حنجرته قلتم : اذهب فادفع عنه الموت ، وليس ذلك بيدي ، ثمّ انزلني في مشربة (١) على رأسه ، فما دخل عليّ داخل حتى قتل عثمان (٢).
وأمّا سيف بن عمر ، فروى عن أبي حارثة ، وأبي عثمان قالا : لمّا أتى معاوية الخبر أرسل الى حبيب بن مسلمة الفهريّ فقال : أشر عليّ برجل منفّذ لأمري ، ولا يقصّر ، قال : ما أعرف لذاك غيري ، قال : أنت لها. وجعل على مقدّمته يزيد بن شجعة (٣) الحميريّ في ألف وقال : إن قدمت يا حبيب وقد قتل ، فلا تدعنّ أحدا (٤) أشار إليه ولا أعان عليه إلّا قتلته ، وإن أتاك الخبر قبل أن تصل ، فأقم حتّى انظر ، وبعث يزيد بن شجعة في ألف على البغال ، يقودون الخيل ، معهم الإبل عليها الرّوايا فأغذّ السّير ، فأتاه قتله بقرب خيبر. ثمّ أتاه النّعمان بن بشير ، معه القميص الّذي فيه الدّماء وأصابع امرأته نائلة ، قد قطعوها بضربة سيف ، فرجعوا ، فنصب معاوية القميص
__________________
(١) في نسخة الدار (المسلمون) عوض (المسور) المثبتة في منتقى ابن الملّا ، ومنتقى الأحمدية و (ع) ، وتاريخ دمشق.
(٢) تاريخ دمشق ٣٧٩ ، ٣٨٠.
(٣) هكذا في الأصول ، وتاريخ دمشق ٣٨٠ ، وترجمته في المخطوطة من تاريخ دمشق (النسخة الأزهرية) ٥٣ / ورقة ١٥٣ وقد أثبته القدسي في طبعة ٣ / ٢٤٦ «الشجري» وقال : المثبت من المراجع المشهورة.
«أقول» : هذا وهم ، فالشجريّ هو الرهاوي وليس الحميري كما هو هنا.
(٤) هذه الجملة مصحّفة في نسخة دار الكتب ، والتصويب من الأصل وتاريخ دمشق.