عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة قد صلوا ركعتين الى بيت المقدس فقيل لهم : إن نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلّوا صلاة واحدة إلى قبلتين ، فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين (١). وليقين البراءة بالتوجه نحوه.
إذا ثبت هذا فالجهة يريد بها هنا ما يظن أنه الكعبة ، حتى لو ظن خروجه عنها لم تصح.
وقال أبو حنيفة : المشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس ، والجنوب قبلة لأهل الشام وبالعكس (٢). وهو غلط.
وقال الشافعي في الآخر : الواجب التوجه الى عين الكعبة للقريب والبعيد ـ وبه قال الجرجاني من الحنفية (٣) ـ لقوله تعالى ( وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٤) يعني نحوه.
وهو غلط ؛ لاستلزامه التكليف بالمحال إذ مع البعد يمتنع التوجه إلى عين الكعبة مع صغر حجمها ، وظهور التفاوت الكثير مع يسير الانحراف ، وقد أجمعنا على صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو مع العلم بأن المتوجه إلى الكعبة من كان بقدرها.
وقال الشيخ ـ وبه قال مالك (٥) ـ : الكعبة قبلة لمن كان في
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٤٤ ـ ١٣٨.
(٢) فتح العزيز ٣ : ٢٤٢.
(٣) المجموع ٣ : ٢٠٧ و ٢٠٨ ، فتح العزيز ٣ : ٢٤٢ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٣٥ ، الكفاية ١ : ٢٣٥ ، شرح العناية ١ : ٢٣٥ ، عمدة القارئ ٤ : ١٢٦ ، المغني ١ : ٤٩١ ـ ٤٩٢ و ٥١٩ ، نيل الأوطار ٢ : ١٨٠.
(٤) البقرة : ١٤٤.
(٥) فتح العزيز ٣ : ٢٤٣ ، تفسير الرازي ٤ : ١٢٧.