يردّ أمره ، ويستفاد من الآية المباركة تمام الثناء وكمال التعظيم له عزوجل.
قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ).
الدين هو الطاعة والانقياد للشريعة ، ويطلق على نفس الشريعة أيضا ، كما يطلق على الملّة والجزاء ، وهو من إطلاق اللازم على الملزوم ، الذي هو من المحسّنات البلاغيّة ، ويستفاد الفرق من الاعتبار والقرائن ، وفي الحديث : «ان الله ليدين للجماء من ذات القرن» ، أي يقتصّ ويجزي.
ومن أسمائه تعالى : (الديّان) ، وهو فعال ، يعني : قهر خلقه على الطاعة ، يقال : «دنتهم فدانوا» ، أي قهرتهم فأطاعوا ، ومنه قولهم للنبيّ صلىاللهعليهوآله : «يا سيد الناس وديّان العرب» ، وفي الحديث : «كان عليّ ديّان هذه الامة».
ومادة «سلم» من المواد المحبوبة الممدوحة في أية هيئة استعملت ، وتأتي بمعنى التعرّي عن العيوب والآفات الظاهريّة والباطنيّة ، ويقال للجنة : «دار السلام» ، لأنها دار الإسلام عن العيوب والآفات ، ومن أسمائه سبحانه وتعالى : «السلام» ، لأنه لا يتّصف بما يتّصف به الخلق من العيب والفناء أو الحوادث.
وتأتي بمعنى الانقياد والطاعة والعبوديّة التي تكون حقيقتها الخضوع والانقياد للمعبود ، فتكون كلّ عبوديّة وطاعة لله عزوجل إسلاما ، وكلّ إسلام له عزوجل عبوديّة له ، سواء كانت في القول واللسان ، أم في القلب ، أم في العمل ، أم في الجميع ، وفي الحديث : «ما من آدمي إلّا ومعه شيطان ، قيل : ومعك؟ قال : نعم ، ولكن الله أعانني عليه فأسلم» ، أي : انقاد لي وخضع وقد كفّ عني ، ويمكن أن يكون المراد بإسلام الشيطان في الحديث الشريف تسليمه من كلّ جهة للنبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله ، لفرض انقطاعه صلىاللهعليهوآله من كلّ جهة إلى الله تبارك وتعالى ، واستيلاء عقله المقدّس على جميع ما سوى الله تبارك وتعالى ، لأنه العقل الكلّي ، وهو أوّل ما خلقه الله تبارك وتعالى.
وقد اختصّ لفظ (الإسلام) بالغلبة في رسالة خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله وشريعته التي تناسب جميع ما ذكر في معنى الإسلام ، لا سيما بعد قول نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «المسلم