من سلم المسلمون من يده ولسانه» ، وعنه صلىاللهعليهوآله أيضا : «من غش مسلما فليس بمسلم» ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «من بات شبعانا وجاره جائع فليس بمسلم» ، فيكون من استعمال العام في الخاص ، وهو كثير في اللغة والعرف.
والمعنى : أن كلّ دين سماوي تكون فيه العبوديّة لله تعالى يكون إسلاما له عزوجل ، وهو واحد لا اختلاف فيه ، وأن حقيقة الطاعة لله عزوجل والانقياد له تعالى ، وهي روح جميع الأديان الإلهيّة والشرائع السماويّة التي نزلت على الأنبياء ، فيكون الإسلام الحقيقي هو الإذعان والانقياد المساوق للإيمان بالقلب والعمل بالجوارح والأركان ، فيكون العمل بالدين إبقاء للدين وإعلاء لكلمة التوحيد ، وجهادا مع الملحدين.
والآية الشريفة ترشد إلى قضية عقليّة حقيقيّة ، وهي بيان حقيقة الدين التي هي الفطرة السليمة المقرّرة في شرع السماء ، وأن الدين هو الدستور الإلهي والشريعة المتكفّلة لتصحيح نظام الدنيا والآخرة ، وأن العمل به يجلب السعادة للإنسان في الدارين ، لأنه نزل من مشرّع وجاعل حكيم في أفعاله ، عليم بجميع خصوصيات عباده ، مهيمن على دينه وتشريعه ، وهو منحصر في الله تعالى ، فلا بد أن يكون الدين واحدا من حين وجود الإنسان على هذه البسيطة إلى انقراضه عنها ، وهذا هو مقتضى العدل والعلم والحكمة ، فلا موضوع للتعدّد في سلسلة العلل والمقتضيات ، كما لا تعدّد في مرحلة الجزاء والحساب.
والاختلاف في الأديان الإلهيّة إنما هو في بعض التشريعات التي يرجع سببها إلى الاختلاف في مقتضيات الظروف واستعداد الأمم ، ويدلّ على ذلك جملة من الآيات الشريفة ، منها قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [سورة النحل ، الآية : ١٢٣] ، وقوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) [سورة المائدة ، الآية : ١١١] ، هذا إذا عمّمنا الدين ليشمل مجموع الاعتقاد والعمل ـ كما هو الصحيح ـ وإن جعلناه