العقاب وشدّة العذاب وأنواع الحرمان ، وهو كذلك لكثرة المفاسد المترتبة عليه كما هو معلوم ، فيكون التولّي وترك التحذّر من الله نفسه من أعظم مصاديق الطغيان على الله تعالى ، لأنه يتبع إبطال الدين وفساد العقيدة ، وأنهم قد أمروا بالاستقامة في عدّة آيات ، قال الله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) [سورة هود ، الآية : ١١٢ ـ ١١٣] فكأن هذه الآية الشريفة شارحة للآية التي تقدّم تفسيرها ومبيّنة للتحذير ، فإن التولّي والركون إلى الظالمين يوجب الطغيان ، وهو يستتبع أشدّ العذاب وحرمان الأنصار ، ولأجل ذلك كانت هذه الآية شديدة الوقع على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقد ورد انها شيّبته.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) ، منضما إلى تكرار التحذير من الله ، شدّة التهديد ، حيث إنه لا مفرّ منه عزوجل ولا صارف عن بلائه ، ويدلّ أيضا أنه من القضاء الحتم الذي لا مبدّل له.
السابع : يدلّ قوله تعالى : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) على إحاطة علمه عزوجل وشموليته لجميع الموجودات ، وسعته الشاملة للأمور الموجودة والتي ستوجد بعد ذلك. وهذه الآية من الأدلّة الدالّة على علمه بالجزئيات ، وردّ على من قال بعدم علمه بها.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ، تأكيد التهديد والتخويف ، فإن مثل هذا التعبير إذا أتي به في مقام التخوّف والتحذير يكون لتثبيته واشعار المخاطب بأن المتكلم انما هو ناصح شفيق ، ولا يريد إلا الخير والصلاح ، فلا ينبغي التعرّض لسخطه ، فيكون إخباره بذلك رأفة به.
ويمكن أن يكون ذلك لأجل أن من فعل ذلك وارتكب هذه المعصية العظيمة ، إن رجع عنها وأراد الإصلاح فإن الله تعالى يقبل منه توبته رأفة به ، وإن كان وبالها عظيما.
التاسع : إنما بدأ سبحانه وتعالى بحبّ الله ، لأنه أصل الدين وأساس