ذنوبكم ، بمعنى ليغفر لكم بعض ذنوبكم ، لأنه يغفر ما دون الشرك ، ولا يغفر الشرك. وقال الجبائي : دخلت من للتبعيض ، ووضع البعض موضع الجميع توسعا.
(وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، أي : يؤخركم إلى الوقت الذي ضربه الله لكم أن يميتكم فيه ، ولا يؤاخذكم بعاجل العقاب (قالُوا) أي : قال لهم قومهم (إِنْ أَنْتُمْ) أي : ما أنتم (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي : خلق مثلنا (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) أي : تمنعونا (عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) من الأصنام والأوثان (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي : بحجة واضحة على صحة ما تدعونه ، وبطلان ما نحن فيه ، وإنما قالوا ذلك لأنهم اعتقدوا أن جميع ما جاءت به الرسل من المعجزات ، ليست بمعجزة ، ولا دلالة ، وقيل : إنهم طلبوا معجزات مقترحات سوى ما ظهرت فيما بينهم.
وفي هذه الآية دلالة على أنه سبحانه لا يريد الكفر والشرك ، وإنما يريد الخير والإيمان ، وإنه إنما بعث الرسل إلى الكفار رحمة وفضلا وإنعاما عليهم ، ليؤمنوا ، فإنه قال : يدعوكم ليغفر لكم.
ثم حكى سبحانه جواب الرسل للكفار ، فقال : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) في الصورة والهيئة ، ولسنا ملائكة (وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أي : ينعم عليهم بالنبوة ، وينبئهم بالمعجزة ، فلقد من الله علينا واصطفانا ، وبعثنا أنبياء (وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ) أي : بحجة على صحة دعوانا (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي : بأمره وإطلاقه لنا في ذلك (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) المصدقون به ، وبأنبيائه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٦٢ ـ ٦٣.