بمكّة ، فعذّبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا ، وقلبه مقرّ (١) بالإيمان.
قال : وأمّا قوله : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث (٢) من بني لؤي.
يقول الله : فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ذلك بأن الله ختم على سمعهم وأبصارهم وقلوبهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون هذا في قراءة ابن مسعود ، وقوله (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) الآية ، هكذا في القراءة المشهورة.
هذا كلّه في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان عاملا لعثمان بن عفّان على مصر ، ونزل فيه أيضا : (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ)(٣).
وقال إسحاق بن عمّار : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يدعو أصحابه ، فمن أراد به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ، ومن أراد به شرّا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل ، وهو قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(٤).
__________________
(١) في طبعة : مطمئنّ.
(٢) هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث العامري ، أخو عثمان من الرّضاعة ، أسلم قبل الفتح ، ثمّ ارتدّ مشركا فصار إلى قريش ، فلمّا كان يوم الفتح أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتله ، ثمّ عفا عنه بعد ما استأمن له عثمان. ثمّ ولاه عثمان بعد ذلك مصر سنة ٢٥ ه ، وبعد مقتل عثمان صار إلى معاوية ، ومات بعسقلان سنة ٣٧ ه. «تهذيب ابن عساكر ج ٧ ، ص ٤٣٥ ، أسد الغابة ج ٣ ، ص ١٧٣ ، الكامل لابن الأثير ج ٣ ، ص ٨٨ ، البداية والنهاية ج ٧ ، ص ١٥٧».
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٩٠ ، والآية من سورة الأنعام : ٩٣.
(٤) تفسير العياشيّ : ج ٢ ، ص ٢٧٣ ، ح ٧٧.