وقال عبد الله بن عطاء المكّي : قال أبو جعفر عليهالسلام : «انطلق بنا إلى حائط لنا» فدعا بحمار وبغل ، فقال : «أيّهما أحبّ إليك؟» فقلت : الحمار ، فقال : «إنّي أحبّ أن تؤثرني بالحمار» فقلت : البغل أحبّ إليّ ، فركب الحمار وركبت البغل. فلمّا مضينا اختال الحمار في مشيته حتى هزّ منكبي أبي جعفر عليهالسلام فلزم قربوس (١) السرج ، فقلت : جعلت فداك ، كأني أراك تشتكي بطنك ، قال : «وفطنت إلى هذا منّي؟ إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان له حمار يقال له : عفير ، إذا ركبه اختال في مشيته سرورا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يهزّ منكبيه فيلزم قربوس السّرج ، فيقول : اللهمّ ليس منّي ولكن ذا من عفير ، وإنّ حماري من سروري اختال في مشيه فلزمت قربوس السرج ، وقلت : اللهمّ هذا ليس منّي ولكنّ هذا من حماري».
قال : فقال : «يا بن عطاء ، ترى زاغت الشمس؟»
فقلت : جعلت فداك ، وما علمي بذلك وأنا معك؟
فقال : «لا ، لم تفعل وأوشكت» قال : فسرنا ، قال : فقال : «قد فعلت». قلت : هذا المكان الأحمر؟ قال : «ليس يصلّى ها هنا ، هذه أودية وليس يصلّى». قال : فمضينا إلى أرض بيضاء ، قال : «هذه سبخة ، وليس يصلّى بالسّباخ» قال : فمضينا إلى أرض حصباء ، قال : «ها هنا» فنزل ونزلت.
فقال : «يا بن عطاء ، أتيت العراق فرأيت القوم يصلّون بين تلك السّواري في مسجد الكوفة؟» قال : قلت : نعم ، فقال : «أولئك شيعة أبي عليّ ، هذه صلاة الأوّابين ، إنّ الله يقول : (فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً)(٢).
__________________
(١) القربوس : حنو السرج ، وللسرج قربوسان : مقدّم السرج ، ومؤخّره. «لسان العرب ـ قربس ـ ج ٦ ، ص ١٧٢».
(٢) تفسير العيّاشيّ : ج ٢ ، ص ٢٨٥ ، ح ٤١.