يستثن (١) ـ فاحتبس الوحي عنه أربعين يوما حتى اغتم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشكّ أصحابه الذين كانوا آمنوا به ، وفرحت قريش واستهزءوا وآذوا ، وحزن أبو طالب.
فلمّا كان بعد أربعين يوما نزل عليه جبرئيل عليهالسلام بسورة الكهف. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا جبرئيل لقد أبطأت؟ فقال : إنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله. فأنزل الله تبارك وتعالى : (أَمْ حَسِبْتَ) يا محمد (أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ثم قصّ قصتهم فقال : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).
قال : فقال الصادق عليهالسلام : «إنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام ، فمن لم يجبه قتله ، وكان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ، ووكّل الملك بباب المدينة وكلاء ، ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام ، وخرج هؤلاء بعلّة الصيد ، وذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم ، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم ـ قال الصادق عليهالسلام : لا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاث : حمار بلعم بن باعوراء ، وذئب يوسف ، وكلب أصحاب الكهف (٢) ـ فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلّة الصيد هربا من دين ذلك الملك ، فلمّا أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم ، فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله تبارك وتعالى : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته ، وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون.
__________________
(١) إن لم يقل : إن شاء الله.
(٢) كذا ، وفي الحديث عن الرضا عليهالسلام : لا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة : حمار بلغم ، وكلب أصحاب الكهف ، والذئب ، وكان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذّبهم ، وكان للشرطي ابن يحبّه ، فجاء ذئب فأكل ابنه ، فحزن الشرطي عليه ، فأدخل الله ذلك الذئب الجنّة لمّا أحزن الشرطي ، تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٤٨.