أتذكر رجلا خمّارا كان يدّعي الربوبية قد مات منذ أكثر من ثلاثمائة سنة؟».
قال : فثبت تمليخا حتى أدخله الخبّاز على الملك ، فقال : ما شأن هذا الفتى؟ فقال : الخبّاز : هذا رجل أصاب كنزا. فقال له الملك : لا تخف ـ يا فتى ـ فإنّ نبيّنا عيسى ابن مريم عليهالسلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها ، فأعطني خمسها وامض سالما. فقال تمليخا : انظر ـ أيها الملك ـ في أمري ، ما أصبت كنزا ، أنا من أهل هذه المدينة. قال : له الملك : أنت من أهلها؟ قال : نعم. قال : فهل تعرف منها أحدا؟ قال : نعم ، قال : فسمّ ، فسمى تمليخا نحوا من ألف رجل لا يعرف منهم رجل واحد. قال : ما اسمك؟ قال : اسمي تمليخا. قال : ما هذه الأسماء؟ قال : أسماء أهل زماننا.
قال : فهل لك في هذه المدينة دار؟ قال : نعم ، اركب أيها الملك معي ـ قال ـ : فركب الناس معه ، فأتى بهم إلى أرفع باب دار في المدينة ، فقال تمليخا : هذه الدار داري ، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال : ما شأنكم؟ قال : له الملك : أتينا بالعجب ، هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره. فقال له الشيخ : من أنت؟ قال : أنا تمليخا بن قسطنطين. قال : فانكبّ الشيخ على رجليه يقبّلها ويقول : هو جدّي وربّ الكعبة. فقال : أيها الملك ، هؤلاء الستّة الذين خرجوا هرّابا من دقيوس الملك».
قال : «فنزل الملك عن فرسه ، وحمله على عاتقه ، وجعل الناس يقبّلون يديه ورجليه ، فقال : يا تمليخا ، ما فعل أصحابك؟ فأخبرهم أنهم في الكهف ، فكان يومئذ بالمدينة ملكان : ملك مسلم ، وملك نصرانيّ ، فركبا وأصحابهما ، فلمّا صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا : يا قوم ، إني أخاف أن يسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول فيظنّون أن دقيوس الملك قد جاء في طلبهم ، ولكن أمهلوني حتى أتقدّم فأخبرهم ـ قال ـ فوقف الناس