غاب في السماوات والأرض ، عن إدراك العباد (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هذا لفظ التعجب ، ومعناه : ما أبصره وأسمعه أي : ما أبصر الله تعالى لكل مبصر ، وما أسمعه لكل مسموع ، فلا يخفى عليه من ذلك. وإنما أخرجه مخرج التعجب ، على وجه التعظيم.
وروي أن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليهالسلام عن مدة لبثهم ، فأخبر بما في القرآن ، فقال : إنا نجد في كتابنا ثلاثمائة. فقال عليهالسلام : ذلك سني الشمس ، وهذا سني القمر. وقوله : (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) أي : ليس لأهل السماوات والأرض من دون الله من ناصر يتولى نصرتهم (وَلا يُشْرِكُ) الله (فِي حُكْمِهِ أَحَداً) فلا يجوز أن يحكم حاكم بغير ما حكم الله تعالى به. وقيل معناه : إنه لا يشرك الله في حكمه بما يخبر به من الغيب أحدا. وعلى القراءة الأخرى معناه : ولا تشرك أنت أيها الإنسان في حكمه أحدا. ثم قال سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) أي : واقرأ عليهم ما أوحى الله إليك من أخبار أصحاب الكهف وغيرهم ، فإن الحق فيه. وقيل : معناه اتبع القرآن واعمل به (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) أي : لا مغير لما أخبر الله به فيه ، وما أمر به ، وعلى هذا فيكون التقدير : لا مبدل لحكم كلماته (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) معناه : إن لم تتبع القرآن ، فلن تجد من دون الله ملجأ ... وقيل : حرزا ... وقيل : موئلا ... وقيل : معدلا ومحيصا ... والأقوال متقاربة في المعنى ، يقال : لحد إلى كذا ، أو التحد : إذا مال إليه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٣٣٤ ـ ٣٣٥.