وكانت آيته أنّه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا أزهرت خضراء ، وإنما سمّي خضرا لذلك ، وكان اسمه ياليا بن ملكان بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح عليهالسلام ، وإنّ موسى لمّا كلّمه الله تكليما ، وأنزل عليه التوراة وكتب له في الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلا لكلّ شيء ، وجعل آيته في يده وفي عصاه ، وفي الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم ، وفلق البحر ، وأغرق الله عزوجل فرعون وجنوده ، وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه : ما أرى أن الله عزوجل خلق خلقا أعلم منّي. فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليهالسلام : يا جبرئيل ، أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك ، وقل له : إن عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه ، فهبط جبرئيل عليهالسلام على موسى عليهالسلام بما أمره به ربّه عزوجل ، فعلم موسى عليهالسلام ، أن ذلك لما حدّثته به نفسه.
فمضى هو وفتاه يوشع بن نون عليهالسلام حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين ، فوجدا هناك الخضر عليهالسلام يعبد الله عزوجل ، كما قال الله عزوجل في كتابه (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) قال له الخضر عليهالسلام : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) لأنّي وكلت بعلم لا تطيقه ، ووكلت أنت بعلم لا أطيقه. قال موسى : بل أستطيع معك صبرا. فقال الخضر : إن القياس لا مجال له في علم الله وأمره (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)؟ قال له موسى : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فلمّا استثنى المشيئة قبله. قال : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) فقال موسى عليهالسلام : لك ذلك عليّ. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر عليهالسلام ، فقال له موسى عليهالسلام : (أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) قال : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)؟! قال