بكلمات : «ثمّ العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمّن معناه في قوله : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الآية.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بيان ذلك في قوله تعالى : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ) إلى قوله تعالى (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا).
ودفع السيئة بالحسنة ، وذلك لمّا قال له أبوه : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) فقال في جواب أبيه (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا).
ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)(١) يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عزوجل ، ولا يحكمون بالآراء والمقاييس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك في قوله : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)(٢) أراد في هذه الأمّة الفاضلة ، فأجابه الله ، وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين ، وهو علي ابن أبي طالب عليهالسلام ، وذلك قوله عزوجل (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)(٣).
وقال الصادق عليهالسلام ، في خبر : «أنّ إبراهيم عليهالسلام كان قد دعا الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فقال الله تعالى : (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام» (٤).
__________________
(١) الشعراء : ٨٣.
(٢) الشعراء : ٨٤.
(٣) معاني الأخبار : ص ١٢٦ ، ح ١.
(٤) مناقب ابن شهر آشوب : ج ٣ ، ص ١٠٧.