أمره في غير النبوة وذلك بعيد ، لأنه جاء بعده ما يعلم به مراد موسى ، لأنه قال : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي)(١) فقال الله تعالى : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)(٢).
قوله (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) فالشد جمع يستمسك به المجموع يقال : شده يشده شدا ، فهو شاد وذاك مشدود ، ومثله الربط والعقد. والأزر الظهر يقال : آزرني فلان على أمري أي كان لي ظهرا ، ومنه المئزر ، لأنه يشد على الظهر ، والإزار لأنه يشد على الظهر ، والتأزير لأنه تقوية من جهة الظهر. ويجوز أن يكون أزر لغة في وزر ، مثل أرخت وورخت ، وأكدت ووكدت. وقوله (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فالإشراك الجمع بين الشيئين في معنى على أنه لهما ، يجعل جاعل. وقد أشرك الله بين موسى وهارون في النبوة. وقوى الله به أزره ، كما دعاه.
وقوله : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) فالتسبيح التنزيه لله عما لا يجوز عليه من وصفه بما لا يليق به ، فكل شيء عظم به الله بنفي ما لا يجوز عليه ، فهو تسبيح ، مثل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وقوله (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) معناه نذكرك بحمدك والثناء عليك بما أوليتنا من نعمك ، ومننت به علينا من تحميل رسالتك (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) أي عالما بأحوالنا وأمورنا. فقال الله إجابة له (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) أي أعطيت مناك فيما سألته. والسؤال المنى فيما يسأله الإنسان ، مشتق من السؤال ، ويجوز بالهمز وترك الهمز (٣).
__________________
(١) القصص : ٣٤ ـ ٣٥.
(٢) القصص : ٣٤ ـ ٣٥.
(٣) التبيان : ج ٧ ، ص ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٢.