(وَأَسَرُّوا النَّجْوى) يعني أن السحرة أخفوا كلامهم ، وتناجوا فيما بينهم سرا من فرعون ، فقالوا : إن غلبنا موسى اتبعناه ... وقيل : إن موسى لما قال لهم : (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً) قال بعضهم لبعض ، ما هذا بقول ساحر ، وأسر بعضهم إلى بعض يتناجون ... وقيل : أسروا النجوى بأن قالوا : إن كان هذا ساحرا فسنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمره ... وقيل : تناجوا مع فرعون وأسروا عن موسى وهارون قولهم (إِنْ هذانِ) لساحران ... إن هذان يعني موسى وهارون (لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما) قاله فرعون وجنوده للسحرة ، ويريدون بالأرض أرض مصر.
(وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) هي تأنيث الأمثل ، وهو الأفضل ، وهو الأشبه بالحق ، يقال : فلان أمثل قومه أي : أشرفهم وأفضلهم. والمعنى يريدان أن يصرفا وجوه الناس إليهما ، عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام. وقيل : إن طريقتهم المثلى بنو إسرائيل كانوا أكثر القوم عددا وأموالا أي : يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهم ، عن أكثر المفسرين. وقيل : يذهبا بطريقتكم التي أنتم عليها في السيرة والدين ... (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) أي : لا تدعوا من كيدكم شيئا إلا جئتم به (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) أي : مصطفين مجتمعين ليكون أنظم لأموركم ، وأشد لهيبتكم ... وقيل : ثم ائتوا موضع الجمع ، ويسمى المصلى الصف ... والمعنى : ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم.
(وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) أي : وقد سعد اليوم من غلب وعلا. قال بعضهم : إن هذا من قول فرعون للسحرة. وقال آخرون : بل هو قول بعض السحرة لبعض (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) هذا قول السحرة خيروه بين أن يلقوا أولا ما معهم ، أو يلقي موسى عصاه ، ثم يلقون ما معهم. (قالَ) موسى (بَلْ أَلْقُوا) أنتم ما معكم أمرهم بالإلقاء أولا ، ليكون معجزة أظهر إذا ألقوا ما معهم ، ثم يلقي هو عصاه فتبتلع