أشياعه وأتباعه ما عجزتم عن معارضته ، ولكنكم تركتم معارضته احتشاما له واحتراما. وإنما قال ذلك ليوهم العوام أن ما أتوا به إنما هو لتواطؤ من جهتهم ، ليصرفوا وجوه الناس إليهم (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) أي : أيديكم اليمنى وأرجلكم اليسرى (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) أي : على جذوع النخل (وَلَتَعْلَمُنَ) أيها السحرة (أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً) لكم (وَأَبْقى) وأدوم أنا على إيمانكم أم رب موسى على ترككم الإيمان به.
(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ) أي : لن نفضلك ، ولن نختارك على ما أتانا من الأدلة الدالة على صدق موسى ، وصحة نبوته ، والمعجزات التي تعجز عنها قوى البشر. (وَالَّذِي فَطَرَنا) أي : وعلى الذي فطرنا ، أي : خلقنا.
وقيل : معناه لن نؤثرك والله الذي فطرنا على ما جاءنا من البينات ، وما ظهر لنا من الحق (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) أي : فاصنع ما أنت صانعه على إتمام وإحكام. وقيل : معناه فاحكم ما أنت حاكم ، وليس هذا بأمر منهم ، ولكن معناه : أي شيء صنعت ، فإنا لا نرجع عنه الإيمان (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) أي : إنما تصنع بسلطانك ، أو تحكم في هذه الدنيا دون الآخرة ، فلا سلطان لك فيها ، ولا حكم. وقيل : معناه إنما تقضي وتذهب هذه الحياة الدنيا دون الحياة الآخرة (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا) من الشرك والمعاصي (وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) إنما قالوا ذلك لأن الملوك كانوا يجبرونهم على تعليم السحر ، كيلا يخرج السحر من أيديهم. قيل : إن السحرة قالوا لفرعون : أرنا موسى إذا نام ، فأراهم إياه ، فإذا هو نائم ، وعصاه تحرسه. فقالوا : ليس هذا بسحر ، إن الساحر إذا نام بطل سحره. فأبى عليهم إلا أن يعملوا فذلك إكراههم ...
(وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي : والله خير لنا منك ، وثوابه أبقى لنا من ثوابك.