آدم : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فإن الله عزوجل خلق آدم عليهالسلام حجّة في أرضه وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنّة ، وكانت المعصية من آدم عليهالسلام في الجنّة لا في الأرض [وعصمته يجب أن تكون في الأرض] لتتمّ مقادير أمر الله عزوجل ، فلمّا أهبط إلى الأرض وجعله حجّة وخليفة ، عصمه بقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(١)». الحديث بطوله (٢).
٢ ـ قال علي بن محمد بن الجهم : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليهماالسلام ، فقال له المأمون : يا بن رسول الله ، أليس من قولك أنّ الأنبياء معصومون؟ قال : «بلى».
قال : فما تقول في قول الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟
قال عليهالسلام : «إنّ الله تعالى قال لآدم عليهالسلام : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ)(٣) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ)(٤) ، ولم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة ولا ممّا كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ، ولم يأكلا منها ، وإنما أكلا من غيرها لمّا أن وسوس الشيطان إليهما ، وقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ)(٥) ، وإنما نهاكما عن أن تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(٦) ، ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ)(٧) ، فأكلا منها ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم عليهالسلام قبل النبوة ، ولم يكن ذلك بذنب
__________________
(١) آل عمران : ٣٣.
(٢) عيون أخبار الرضا : ج ١ ، ص ١٩١ ، ح ١.
(٣) البقرة : ٣٥.
(٤) البقرة : ٣٥.
(٥) الأعراف : ٢٠.
(٦) الأعراف : ٢٠ و ٢١.
(٧) الأعراف : ٢٢.