(وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) وهي قرية «سدوم» على ما روي. والخبائث التي كانوا يعملونها هي أنهم كانوا يأتون الذكران في أدبارهم ويتضارطون في أنديتهم. وقيل : هي ما حكى الله تعالى : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) وغير ذلك من القبائح. وأراد بالقرية أهلها. ثم ذمهم فقال : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) أي : خارجين عن طاعة الله تعالى (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) أي : في نعمتنا ومنتنا. (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي : بسبب أنه من الصالحين أي : بسبب أنه من الصالحين الذين أصلحوا أفعالهم ، فعملوا بما هو الحسن منها ، دون القبيح. وقيل : أراد بكونه من الصالحين أنه من الأنبياء (١).
وقال : ثم عطف سبحانه قصة نوح ـ وداود ـ ، على قصة إبراهيم عليهالسلام ولوط ، فقال : (وَنُوحاً إِذْ نادى) أي : دعا ربه فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً). وقال : (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) ، وغير ذلك (مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل إبراهيم ولوط (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) أي : أجبناه إلى ما التمسه. (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أي : من الغم الذي يصل حره إلى القلب ، وهو ما كان يلقاه من الأذى طول تلك المدة ، وتحمل الاستخفاف من السقاط من أعظم الكرب (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي : منعناه منهم بالنصرة حتى لم يصلوا إليه بسوء. وقيل : معناه نصرناه على القوم. ومن بمعنى على ... (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) صغارهم وكبارهم ، وذكورهم وإناثهم (٢).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ١٠٠ و ١٠٢.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ١٠٠ و ١٠٢.