وقيل : إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه عرضه للإيمان والثواب الدائم ، وهداه وإن لم يهتد كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل ، فإنه منعم عليه ، وإن لم يقبل. وفي الآية دلالة على بطلان قول أهل الجبر في أنه ليس لله على الكافر نعمة ، لأنه سبحانه بين أن في إرسال محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نعمة على العالمين ، وعلى كل من أرسل إليهم. ثم قال له : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي : مستسلمون منقادون لذلك ، بأن تتركوا عبادة غير الله ، وقيل معناه الأمر أي أسلموا كقوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) أي : انتهوا.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي : أعرضوا ، ولم يسلموا (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ) أي : أعلمتكم بالحرب (عَلى سَواءٍ) أي : إيذانا على سواء إعلاما نستوي نحن وأنتم في علمه ، لا استيذانا به دونكم لتتأهبوا لما يراد بكم. ومثله قوله : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) ، وقيل : معناه أعلمتكم بما يجب الإعلام به على سواء في الإيذان ، لم أبين الحق لقوم دون قوم ، ولم أكتمه لقوم دون قوم. وفي هذا دلالة على بطلان قول أصحاب الرموز ، وأن للقرآن بواطن خص بالعلم بها أقوام (وَإِنْ أَدْرِي) أي : وما أدري (أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) يعني أجل يوم القيامة. فإن الله تعالى هو العالم بذلك. وقيل : معناه أذنتكم بالحرب ، ولا أدري متى أؤذن فيه. (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) أي : أن الله يعلم السر والعلانية (وَإِنْ أَدْرِي) أي : وما أدري (لَعَلَّهُ) كناية عن غير مذكور (فِتْنَةٌ لَكُمْ) أي : لعل ما آذنتكم به اختبار لكم ، وشدة تكليف ، ليظهر صنيعكم ... وقيل : لعل هذه الدنيا فتنة لكم .. وقيل : لعل تأخير العذاب محنة واختبار لكم ، لترجعوا عما أنتم عليه. (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) أي : تتمتعون به إلى وقت انقضاء آجالكم (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) أي : فوض أمورك يا محمد إلى الله ، وقل : يا رب احكم بيني وبين من كذبني