حملت برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لم أشعر بالحمل ، ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، ورأيت في نومي كأنّ آتيا أتاني ، فقال لي : قد حملت بخير الأنام. ثم وضعته يتّقي الأرض بيديه وركبتيه ، ورفع رأسه إلى السّماء ، وخرج منّي نور ، أضاء ما بين السّماء والأرض.
ورميت الشّياطين بالنجوم ، وحجبوا من السّماء ، ورأت قريش الشّهب تتحرّك وتزول وتسير في السماء ففزعوا ، وقالوا : هذا قيام الساعة. واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة ، وكان شيخا كبيرا مجرّبا ، فسألوه عن ذلك ، فقال : أنظروا إلى هذه النجوم التي تهتدون بها في ظلمات البرّ والبحر ، فإن كانت قد زالت فهي الساعة ، وإن كانت ثابتة فهو لأمر قد حدث.
وكان بمكّة رجل يهوديّ يقال له : يوسف ، فلمّا رأى النجوم تتحرّك وتسير في السماء ، خرج إلى نادي قريش وقال : يا معشر قريش ، هل ولد الليلة فيكم مولود؟ فقالوا : لا ، فقال : أخطأتم والتوراة ، قد ولد في هذه الليلة آخر الأنبياء وأفضلهم ، وهو الذي نجده في كتبنا ، أنه إذا ولد ذلك النبيّ رجمت الشياطين ، وحجبوا من السّماء. فرجع كلّ واحد إلى منزله يسأل أهله ، فقالوا : قد ولد لعبد الله بن عبد المطّلب ابن. فقال اليهوديّ : أعرضوه عليّ ، فمشوا معه إلى باب آمنة ، فقالوا لها : أخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهوديّ ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينيه ، وكشف عن كتفه ، فرأى شامة سوداء عليها شعرات ، فسقط إلى الأرض مغشيّا عليه ، فضحكوا منه ، فقال : أتضحكون ، يا معشر قريش؟ هذا نبيّ السيف ، ليبيدنّكم ، وذهبت النبوّة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد. وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهوديّ.
فلمّا رميت الشياطين بالنجوم أنكرت ذلك ، واجتمعوا إلى إبليس ، فقالوا : قد منعنا من السماء ، وقد رمينا بالشّهب! فقال : اطلبوا ، فإنّ أمرا قد حدث في الدنيا. فتفرّقوا ، فرجعوا ، وقالوا : لم نر شيئا. فقال إبليس : أنا لها