وقال أبو بصير ، قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله ، أكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتعوّذ من البخل؟ قال : «نعم ـ يا أبا محمّد ـ في كلّ صباح ومساء ، ونحن نعوذ بالله من البخل ، إنّ الله يقول في كتابه : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١) وسأنبّئك عن عاقبة البخل ، إنّ قوم لوط كانوا أهل قرية بخلاء أشحّاء على الطعام ، فأعقبهم الله داء لا دواء له في فروجهم».
قلت : وما أعقبهم؟ قال : «إنّ قرية قوم لوط كانت على طريق السيّارة إلى الشام ومصر ، فكانت المارّة تنزل بهم فيضيفونهم ، فلمّا أن كثر ذلك عليهم ، ضاقوا بهم ذرعا وبخلا ولؤما ، فدعاهم البخل إلى أن كان إذا نزل بهم الضّيف فضحوه من غير شهوة بهم إلى ذلك ، وإنّما كانوا يفعلون ذلك بالضّيف حتى تنكل النازلة عنهم ، فشاع أمرهم في القرى ، وحذرتهم المارة ، فأورثهم البخل بلاء لا يدفعونه عن أنفسهم ، من غير شهوة لهم إلى ذلك (٢) ، حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد ، ويعطونهم عليه الجعل ، فأي داء أعدى من البخل ، ولا أضرّ عاقبة ولا أفحش عند الله؟!».
قال أبو بصير ، فقلت له : أصلحك الله ، هل كان أهل قرية لوط كلّهم هكذا مبتلين؟ قال : «نعم ، إلّا أهل بيت من المسلمين ، أما تسمع لقوله : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(٣)».
ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : «إنّ لوطا لبث مع قومه ثلاثين سنة ، يدعوهم إلى الله ويحذّرهم عقابه ـ قال ـ وكانوا قوما لا يتنظّفون من الغائط ، ولا يتطهّرون من الجنابة ، وكان لوط وآله يتنظّفون من الغائط ، ويتطهّرون من
__________________
(١) الحشر : ٩ ، التغابن : ١٦.
(٢) في «ط ، س» : في شهوة بهم إليه ، وما أثبتناه من بحار الأنوار ج ١٢ ، ص ١٤٧ ، ح ١ ، علل الشرائع : ص ٥٤٩ ، ح ٤.
(٣) الذاريات : ٣٥ و ٣٦.