الشجر الذين أرسل إليهم شعيب عليهالسلام ، وأرسل إلى أهل مدين ، فأهلكوا بالصيحة. وأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة التي احترقوا بنارها ...
ومعنى الآية : أنه كان أصحاب الأيكة لظالمين في تكذيب رسولهم ، وكانوا أصحاب غياض ، فعاقبهم الله تعالى بالحر سبعة أيام ، ثم أنشأ سبحانه سحابة فاستظلوا بها ، يلتمسون الروح فيها ، فلما اجتمعوا تحتها ، أرسل منها صاعقة فأحرقتهم جميعا.
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) أي : من قوم شعيب ، ومن قوم لوط أي : عذبناهم بما انتقمناه منهم. والانتقام : هو المجازاة على جناية سابقة ، وفرق علي بن عيسى بين الانتقام والعقاب بأن الانتقام هو نقيض الإنعام والعقاب هو نقيض الثواب. (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) معناه : وإن مدينتي قوم لوط وأصحاب الأيكة ، بطريق يؤم ويتبع ويهتدى به ...
وسمي الطريق إماما ، لأن الإنسان يؤمه ، وقيل : معناه وإن حديث مدينتيهما لمكتوب مذكور في اللوح المحفوظ ، أو حديث لوط ، وحديث شعيب ... فيكون نظير قوله : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) والمبين : الظاهر.
ثم أخبر سبحانه عن إهلاك قوم صالح فقال : (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) والحجر : اسم البلد الذي كان فيه ثمود ، وإنما سموا أصحاب الحجر ، لأنهم كانوا سكانه ، كما يسمى الأعراب البوادي أصحاب الصحارى ، لأنهم كانوا يسكنونها. وقيل : إن الحجر اسم لواد كان يسكنها هؤلاء ... وإنما قال تعالى : (الْمُرْسَلِينَ) لأن في تكذيب حالهم تكذيب المرسلين ، لأنه كان يدعوهم إلى ما دعا إليه المرسلون ، وإلى الإيمان بالمرسلين ، فكان في تكذيب أحدهم تكذيب الجميع. وقيل : بعث الله إليهم رسلا منهم صالح ...