وحتّى الجمادات ، فكانوا يتعبدون لأصنام وحتّى أوثان كثيرة اتّخذوها رمزا لتلك الآلهة ومنها الكواكب والنجوم.
فكان عرب الجنوب في اليمن يرجعون بآلهتم إلى ثالوث مقدس هو : القمر ، واسمه عند المعينيين (أوائل الألف الأوّل قبل الميلاد) (١) ودّ ، وكان إلههم الاكبر ، وهو الزوج الذكر ، ولذلك لفظه مذكر. وتليه الشمس ، وهي اللات ، وفيها تاء الإناث ، ولذا اعتبروها زوجة القمر ولذلك لفظها مؤنث! ومنها ولدت العزّى أي الزهرة أو عشتر ، أو فينوس بالرومية ، أو ناهيد بالفارسية. ولهم الهات اخرى رمز عن بعض النجوم أو بعض مظاهر الطبيعة أو بعض الطيور ، وكانوا قد بنوا عليها الهياكل ويقدمون لها القرابين ويقوم عليها كهنة ذوو نفوذ كبير. وقوافل التجارة والهجرة كانت متبادلة بينهم وبين عرب الشمال العدنانيين أو النزاريين الحجازيين فحملوا دينهم معهم إليهم (٢).
وأشار القرآن الكريم إلى عبادتهم للشمس في قوله سبحانه حكاية عن الهدهد من طيور سليمان بن داود ، إذ تفقّدها وكان الهدهد غائبا فلم يره (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) إذ جاء ، (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ) ... (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ)(٣). ويضيف القمر في آية اخرى تخاطب العرب المشركين : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ)(٤).
__________________
(١) العصر الجاهلي : ٢٥ لشوقي ضيف.
(٢) انظر العصر الجاهلي : ٢٩ لشوقي ضيف.
(٣) النمل : ٢٢ ـ ٢٤.
(٤) فصّلت : ٣٧.