ومن قبل أضاف إليهما الكوكب فيما حكاه عن خليله إبراهيم عليهالسلام قال : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ولعلّه كان عشتر (الزهرة) ، ولعلّ الليلة كانت من أواخر الشهر القمري إذ يظهر القمر متأخّرا فبدأ بالكوكب ثمّ قال : (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) فالليلة كانت من أوائل العشر الأخيرة من الشهر القمري إذ يظهر القمر متأخّرا ثمّ يأفل ولا يبقى حتّى الصباح ، ولمّا بزغت الشمس صباحا (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) ولعلّه بهذا يعترض على تقديمهم للقمر (الأصغر) على الشمس (الأكبر) (فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(١).
ولعلّ شرك هؤلاء الصابئة البابليّين هو منشأ شرك أهل اليمن ثمّ الحجاز (٢). أمّا الهدهد فطبيعي أنّه إنّما اهتدى إليهم نهارا فوجدهم يسجدون للشمس ، ولم يذكر القمر والزهرة ولم ينفهما.
وقد أشار القرآن الكريم إليها بأسمائها المعينيّة اليمنيّة لدى النزاريّين الحجازيّين مع خمسة آلهة اخرى لهم ، في آيتين من سورتين هما قوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ثمّ أشار إلى انوثتهما لديهم فقال : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى)(٣).
والآية الاخرى من سورة نوح وعن لسانه عليهالسلام (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقالُوا
__________________
(١) الأنعام : ٧٦ ـ ٧٨.
(٢) العصر الجاهلي : ٨٩ لشوقي ضيف.
(٣) النجم : ١٩ ـ ٢١.