لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ثمّ لم يجعلها إناثا بل ذكّرها في الضمير إليها فقال : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) ثمّ حكى دعاء نوح عليهم قال : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً)(١).
إذن فلغة (ودّ) رجعت إلى أقدم من المعينيّين باليمن (أوائل الألف الأوّل ـ ق م) وإلى أقدم من قوم إبراهيم ببابل العراق (أوائل الالف الثالث ق م) إلى ما قبل الطوفان (أوائل الألف الرابع ق م) ومن حيث المكان قرب مكان إبراهيم ببابل العراق في الكوفة (٢) ولذلك نقل الطوسي في «التبيان» عن الضحاك وابن زيد وقتادة عن ابن عباس قال : هذه الاصنام المذكورة كان يعبدها قوم نوح ثمّ عبدتها العرب فيما بعد (٣).
ونقله الطبرسي في «مجمع البيان» وفي تفصيله نقل عن ابن عباس أيضا قال : نحت إبليس خمسة أصنام وحمل الكفّار فيما بين آدم ونوح على عبادتها ، وهي : ودّ وسواع ويعوق ويغوث ونسر. فلمّا كان الطوفان دفن تلك الأصنام وطمّها بالتراب فلم تزل مدفونة ، حتّى أخرجها الشيطان لمشركي العرب :
فاتّخذت قضاعة ودّا فعبدوه بدومة الجندل ، توارثوه حتّى صار إلى كلب.
وأخذ بطنان من طيّ يغوث فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا ، ثمّ إنّ بني ناجية أرادوا أن ينزعوه منهم ففرّوا به إلى بني الحرث بن كعب ، فجاء الإسلام وهو عندهم.
__________________
(١) نوح : ٢١ ـ ٢٤.
(٢) ففي روضة الكافي عن الصادق عليهالسلام قال : عمل نوح سفينته في مسجد الكوفة ... ثمّ التفت وأشار بيده إلى موضع وقال : وهنا نصبت أصنام قوم نوح : يغوث ويعوق ونسر ـ الميزان ٢٠ ـ ٣٥. وعليه فلعلّ هذه الأسماء سريانية دخلت في المعينية.
(٣) التبيان ١٠ : ١٤١.