إنّ من مفاخر رسول الإسلام صلىاللهعليهوآله أنّه كافح الخرافات والأوهام ، وغسل العقل البشريّ منها.
إنّ ساسة العالم الّذين لا يهمّهم شيء سوى الرئاسة على الناس ، يحاولون الإفادة من كلّ شيء في سبيل أغراضهم ومقاصدهم ، فإذا كانت العقائد الخرافية والقصص القديمة ممّا يمكن ان تؤيد حكومتهم ورئاستهم ، فلا مانع لهم من أن يروّجوا لها ويفتحوا السبيل أمامها ، وحتّى لو كانوا اناسا مفكّرين ذوي رأي ومنطق فإنّهم سوف يدافعون عن هذه الخرافات باسم احترام آراء الناس وأفكارهم واعتقاداتهم.
امّا رسول الله فانّه لم يمنع عن تلك العقائد الخرافية الّتي تضرّ بالمجتمع فحسب ، بل كان يكافح حتّى الأفكار الّتي كانت قد تؤيّده وتدعم هدفه ، وكان يسعى الى ان يكون الناس أبناء الدليل والمنطق لا القصص والخرافات.
فقد روى البرقي في كتابه «المحاسن» بسنده عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام أنّه قال : لمّا قبض ابراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله جرت في موته ثلاث سنن : أمّا واحدة : فانّه لمّا قبض انكسفت الشمس فقال الناس : إنمّا انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله ، فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
«ايّها الناس! إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا».
ثم نزل من المنبر فصلّى بالناس الكسوف (١). إنّ فكرة كسوف الشمس لموت ابن رسول الله كان ممّا يرسّخ العقيدة برسول الله في نفوس الناس ، وهو من ثمّ يؤدي الى انتشار رسالته ولكنّه صلىاللهعليهوآله لم يرض أن يتأيّد بالخرافة.
__________________
(١) المحاسن للبرقي : ٣١٣.