عجيب! ألا يحضّر من يريد أنّ يبني هكذا قصر عظيم هندسة وتصميما خاصا له وهكذا يقدم على البناء بدون أرضية كافية وهندسة خاصة؟! فيخرج القصر معوجّ الميدان. ـ كما نقل المسعودي ـ ، من يصدّق هذا؟! أجل لا يبعد أن يكون موابذة المجوس وأصحاب البلاط قد وضعوا هذه القصص له شكرا له على ما قدّمه لهم من خدمات تذكر فتشكر.
وأعجب من ذلك أن حاول بعض الشعوبيين ان يضع حديثا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصف انوشيروان (١) بالعدالة : «ولدت في زمن الملك العادل» وخبرا يقول : إنّ عليا عليهالسلام حينما دخل مدائن كسرى نزل في ايوانه وأخرج جمجمة فأحيا صاحبها وسأله عن حاله فقال : انّه انوشيروان وهو لكفره محروم عن الجنة ولكنّه لعدله لا يعذّب بالنار! وممّا يشهد على أنّ أصحاب البلاط كانوا يمدحونه ويثنون عليه وينشرون عنه الجميل ممّا ليس فيه ما يذكره الفردوسي في «الشاهنامة» : أنّ الوزير بزرك مهر كان وزيرا لانوشيروان مدة ثلاثة عشر عاما ، ثم غضب عليه خسرو پرويز فألقاه في السجن وكتب إليه رسالة قال له فيها : انّ علمك هو الّذي أدّى بك الى القتل! فكتب بزرك مهر في جوابه يقول له : كنت أفيد من عقلي ما كان الحظّ يساعدني ، والآن اذ ليس لي حظّ فسأفيد من حلمي وصبري إن كنت قد حرمت من كثير من أعمال الخير والبرّ ، فقد استرحت أيضا من كثير من أعمال السوء والشر ، إن كنت قد سلبت منصب الوزارة فقد اعفيت من ألم الظلم فيها أيضا ، فما يضرني ذلك؟!
فلمّا بلغت هذه الرسالة ليد خسرو پرويز حضر عليه وأمر ان يجدع أنفه وتقطع شفتاه! فلمّا سمع بزرك مهر ذلك قال : أجل إنّ شفتيّ يستحقان أكثر من ذلك!
__________________
(١) بالفارسية : تاريخ اجتماعى ايران ١١ : ٦١٨.