فقال خسرو : لما ذا؟ قال بزرك مهر : لأنّي أثنيت عليك بهما عند الخاصة والعامة بما لم يكن فيك ، ونشرت عنك جميلا لم تكن أهلا له ، يا أسوأ الملوك! بعد أن أيقنت بطهري وبرّي أردت قتلي بسوء الظنون؟! اذن فمن يأمل عدلك ومن يعتمد قولك؟!
فغضب خسرو پرويز من هذا الكلام وأمر بضرب عنقه (١).
وكذلك كان أكثر الحكام الساسانيين ذوي سياسة خشنة بالعصا الغليظة ، وحتّى العلماء وأصحاب الأعمال لم تكن لهم قيمة لدى بلاطهم ، إذ كان القادة الساسانيون مستبدّين بآرائهم بحيث لا يجرأ أحد على اظهار نظره لديهم ، ولهذا كان عامة الإيرانيين غير راضين عنهم ولكنّهم كانوا خائفين منهم (٢).
وقتل خسرو پرويز ابنه شيرويه ليصل الى الملك كما نقل المسعودي (٣).
وملك بعد شيرويه حتّى يزدجرد آخر ملوك الساسانيين عدد يتراوح ذكرهم في التأريخ بين ستة الى أربعة عشر رجلا وامراة وهذا يعني أنّ الحكومة تغيّرت في مدة أربع سنين أكثر من ست مرات الى أربع عشرة مرة. فما حال دولة يحدث فيها أربعة عشر انقلابا دمويا في مدة أربع سنين فقط! فكلّ من يصل للملك يقتل كلّ من يدّعيه غيره ، ويفعل ما يراه موطّدا لأركان ملكه ، فالأب يقتل ابنه والابن يقتل أباه ، وكلّ من كان يصل الى الملك كان يقتل أقرباءه أي أبناء الملوك الآخرين دفعا للخطر ، كان القادة ينادون بالملك للأطفال والنساء وبعد عدة أسابيع يقتلونهم ويجلسون آخرين بمكانهم. وهكذا كانت الدولة الساسانية تسير الى هاوية الهلاك.
__________________
(١) الشاهنامة ٦ : ٢٦٠ ـ ٢٥٧. وروى القصّة المسعودي في مروج الذهب ١٠ : ٢٧٦.
(٢) بالفارسية : ايران در زمان ساسانيان : ٣١٨.
(٣) مروج الذهب ١ : ٢٨٠.