يغزو بهما من لا يدين له من العرب (١). تتبّع أخباره بالتفصيل جرجي زيدان في كتابه «العرب قبل الإسلام».
قال اليعقوبي : وهو الّذي بنى «الخورنق» (٢) فبينما هو جالس ينظر منه الى ما بين يديه من الفرات وما عليه من النخل والأجنّة والأشجار اذ ذكر الموت فقال : وما ينفع هذا مع نزول الموت وفراق الدنيا؟! فتنسّك واعتزل الملك. واياه عنى عديّ بن زيد العبادي حيث يقول :
وتفكر ربّ الخورنق اذ أش |
|
رف يوما وللهدى تفكير |
سرّه حاله وكثرة ما يم |
|
سك ، والبحر معرض والسدير |
فارعوى قلبه وقال : وما غب |
|
طة حيّ الى الممات يصير (٣) |
قال المسعودي : وملك (بعده ابنه) الأسود بن النعمان.
وملك (بعده ابنه) المنذر بن الأسود (٤).
__________________
(١) للتفصيل انظر : العرب قبل الاسلام لجرجي زيدان.
(٢) وكان سبب بنائه الخورنق : انّ يزدجرد بن بهرام شاه بن شاهپور ذي الأكتاف ، ولد له ابنه بهرام ، فسأل عن منزل برّي مري صحيح من الأدواء والأسقام فدلّ على ظهر الحيرة ، فأمر يزدجرد النعمان هذا ببناء مسكن له ولابنه بهرام ، فامر النعمان رجلا يقال له سنمّار أن يبني له ذلك فبناه ، فلمّا فرغ من بنائه تعجّبوا من حسنه واتقان عمله فوفّوه أجره ، فقال : لو علمت انّكم تصفون بي ما انا اهله وتوفونني أجري لكنت بنيته بناء يدور مع الشمس حيثما دارت! فغضب النعمان وقال : كنت قادرا على ان تبني ما هو افضل منه ولم تبنه كذلك؟! ثم امر به فطرح من اعلى الجوسق من رأس الخورنق ، فجرى ذلك مثلا في العرب يقال : جزاه جزاء سنمّار (الطبري ٢ : ٦٥) ، (الاغاني ٢ : ١٤٤ ـ ١٤٦ ط دار الكتب) .. والجوسق معرب كلمة : كوشك ، وهو الغرفة العالية الخاصّة في أعلى القصر. والخورنق كذلك معرّب كلمة : خورنگاه أي المطعم.
(٣) اليعقوبي ١ : ٢٠٩ ، ٢١٠ ط بيروت.
(٤) مروج الذهب ٢ : ٧٤ وفي اليعقوبي ١ : ٢١٠ : المنذر بن النعمان. من (٥١٥ م) معاصرا