وقال اليعقوبي : «فسأل بنو غسّان بني سليح أن يدخلوا معهم فيما دخلوا فيه من طاعة ملك الروم ، وأن يقيموا في بلادهم لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. فكتب رئيس سليح وهو يومئذ «دهمان بن العملق» الى ملك الروم ، وهو يومئذ «نوشر» وكان منزله بانطاكية ، فأجابهم الى ذلك بشروط (منها دفع أتاوة يقبضها ملك الروم) فأقاموا بذلك أزمانا حتّى وقعت بين رجل من غسان يقال له «جذع» ورجل من أصحاب ملك الروم مشاجرة على الأتاوة حتّى ضرب الغسّاني الرومي بسيفه فقتله.
فحمل عليهم صاحب الروم من قبل ملك الروم بجماعة من العرب من قضاعة ، فأقاموا مليّا يحاربونه ببصرى من أرض دمشق ، ثم صاروا الى «المخفق» فلمّا رأى ملك الروم صبرهم على الحرب ومقاومتهم جيوشه كره ان تكون ثلمة عليهم ، وطلب القوم الصلح على ان لا يكون عليهم ملك من غيرهم ، فأجابهم ملك الروم الى ذلك ، وكان رئيس غسّان يومئذ «جفنة بن علية بن عمرو بن عامر» ، فملّك عليهم ، وتنصّرت غسان ، واستقام الّذي بينهم وبين الروم وصارت امورهم واحدة ، فأقاموا بالشام مملكة من قبل صاحب الروم.
وكان أوّل ملك جلّ قدره وعلا ذكره من غسّان بعد جفنة بن علية : الحارث بن مالك بن الحارث بن غضب بن جشم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن ثعلبة بن حارثة. وملك بعده : الحارث الأكبر ابن كعب بن علية بن عمرو بن عامر. ثمّ ملك أخوه الحارث الأعرج بن كعب فنزل الجولان. ثمّ ملك أخوه الحارث الأصغر ، ثمّ ملك. جبلة بن المنذر. ثمّ ملك الحارث بن جبلة. ثمّ ملك الأيهم بن جبلة. ثم جبلة بن الأيهم» (١).
__________________
(١) اليعقوبي ١ : ٢٠٦ ، ٢٠٧.