وتكلّم يعرب وجرهم وعاد وثمود وعملاق ووبار وعبيل وجديس وعبد ضخم بالعربية فسار يعرب بن قحطان من بابل حتّى حلّ باليمن (١). وسار عبد ضخم بن ارم بن نوح بولده ومن تبعه فنزلوا «الطائف» وسار جرهم بن قحطان بولده ومن تبعه وطافوا البلاد حتى أتوا «مكّة» فنزلوها (٢).
وقال عند ذكره أخبار مكّة وبناء البيت ومن تداوله من جرهم وغيرها : ان جرهم بادروا نحو مكّة وعليهم الحارث بن مضاض بن عمرو ابن سعد بن الرقيب بن ظالم بن هيني بن نبت بن جرهم ، حتّى أتوا الوادي ونزلوا مكّة واستوطنوها مع اسماعيل.
وقال قبل هذا : انّ بني كركر وعليهم السميدع بن هوبر بن لاوي بن قيطور بن كركر بن حيدان ، عدمت الماء والمرعى واشتد بها الجهد ، فيممت نحو تهامة يطلبون الماء والمرعى والدار الخصبة ، فأشرف روّادهم وهم المتقدمون منهم لطلب الماء على الوادي فنظروا الطير ترتفع وتنخفض ، فهبطوا الوادي ونظروا الى العريش على الربوة الحمراء الّذي اتّخذته هاجر ليكون مسكنا لها وفيه هاجر واسماعيل ، وقد زمّت حول الماء بالأحجار ومنعته من الجريان فسلّم الروّاد عليها واستأذنوها في نزولهم وشربهم من الماء ، فأنست إليهم وأذنت لهم في النزول. فتلقوا من وراءهم من أهليهم وأخبروهم خبر الماء ، فنزلوا الوادي مطمئنين مستبشرين بالماء ، وبما أضاء الوادي من نور النبوة وموضع البيت الحرام فرحين ، وتكلّم اسماعيل بالعربية خلاف لغة أبيه.
فقيل في بني كركر هؤلاء : انّهم من جرهم ، وقيل انهم من العماليق ، وانّ جرهم تسامعت ببني كركر ونزولهم الوادي وما فيه من الخصب وإدرار الضرع
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ١١٠.
(٢) مروج الذهب ٢ : ١٢١ و ١٢٢.