الراعي في كلّ حاجته ـ فجرى مثلا في العرب فقالوا : أخس من صفقة أبي غبشان. وو ثبت خزاعة فقالت : لا نرضى بما صنع أبو غبشان ، فوقعت بينهم الحرب.
فولي قصيّ البيت وأمر مكّة والحكم (١) واستقام أمره فعشّر على من دخل مكّة من غير قريش (٢) ولم يكن في الحرم بمكّة بيت ، إنمّا كانوا يكونون بها نهارا فاذا امسوا خرجوا ، وكانوا في الشعاب ورءوس الجبال ، فجمع قصيّ قبائل قريش فقسّم بينهم منازلهم فأمر لقبائل قريش بالأبطح بمكّة ، وقسّمه بينهم أرباعا ، فكانت قريش كلّها بالأبطح خلا بني محارب والحارث ابن فهر ، وبني تميم الأدرم ، وبني عامر بن لؤي ، فانّهم نزلوا الظواهر.
فلمّا استقامت له الامور قدم البيت فبناه بنيانا لم يبنه أحد ، كان طول جدرانه تسع أذرع فجعله ثماني عشرة ذراعا ، وسقف البيت بخشب شجر الدوم ـ وهو شجر ضخم يشبه النخل ـ وبنى دار الندوة الى جانب الصفا.
فكانوا لا يتشاورون في أمر ولا يعقدون لواء للحرب ولا يختنون ، ولا يتناكحون الّا في دار الندوة. وحفر بئر العجول (٣).
وقال ابن اسحاق : حدثني أبي اسحاق بن يسار عن الحسن بن محمد ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعته يقول : فولي قصيّ البيت وأمر مكّة ، فكانت إليه الحجابة ـ وهي مفاتيح البيت ـ والسقاية ، والرفادة واتخذ لنفسه دار الندوة (٤)
__________________
(١) اليعقوبي ١ : ٢٣٨ ـ ٢٤٠ وكان ذلك في النصف الأوّل من القرن الخامس الميلادي كما في سيرة المصطفى : ٣٠.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٢.
(٣) اليعقوبي ١ : ٢٤٠.
(٤) صارت الدار في الإسلام الى حكيم بن حزام بن خويلد فاشتراها منه معاوية بمائة ألف درهم وأدخلها في المسجد.