من حمل قط كان أخفّ عليّ ولا أيسر منه ، ووقع حين ولدته واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه الى السماء.
ثمّ روى بسنده عن ثور بن يزيد : أن نفرا من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قالوا له : يا رسول الله أخبرنا عن نفسك ، قال : نعم ، أنا دعوة أبي ابراهيم وبشرى أخي عيسى ، وحين حملت بي أمّي رأت أنّه خرج منها نور اضاء لها قصور الشام (١). فلعلّ قوله في بداية هذا الحديث قبل هذا «ويتحدث الناس» ليس اشارة الى وهن الخبر بل الى اشتهاره بين الناس ، كما رواه الطبرسي
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة١ : ١٧١ ـ ١٧٥ وروى الطبري بسنده عن ثور بن يزيد الشامي عن مكحول الشامي عن شداد بن أوس ، قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله! اذ أقبل شيخ كبير من بني عامر وهو سيدهم ، يتوكأ على عصا ، فمثل بين يدي النبي قائما وقال : يا بن عبد المطلب! إنّي انبئت انّك تزعم انّك رسول الله الى الناس ، ارسلك بما أرسل به ابراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ، ألا وانّك فوّهت بعظيم ، وإنمّا كانت الأنبياء والخلفاء في بيتين من بني اسرائيل ، وأنت ممّن (أي من قوم) يعبد هذه الحجارة والأوثان فمالك وللنبوة؟! ولكن لكلّ قول حقيقة فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك.
فأعجب النبي بمسألته وقال له : يا أخا بني عامر! انّ لهذا الحديث الّذي تسألني عنه نبأ ومجلسا ، فاجلس ، فثنى رجليه وجلس. فقال له النبي : يا أخا بني عامر انّ حقيقة قولى وبدء شأني : انّي دعوة ابي ابراهيم وبشرى أخي عيسى بن مريم ، وانّي كنت بكر أمي .. ثمّ انّ أمي رأت في المنام انّ الّذي في بطنها نور ، وانّها قالت : فجعلت أتبع بصري النور والنور يسبق بصري حتّى أضاءت لي مشارق الأرض ومغاربها (الطبري ٢ : ١٦١). ورواه بنفس السند (الكازروني) في (المنتقى في مولود المصطفى) وقد اخرج ابن أبي الحديد مختصره في (شرح نهج البلاغة) عن الطبري.
والظّاهر أنّ هذا الخبر هو ما رواه ابن اسحاق عن ثور بن يزيد الّا انّه نسي السند بعده فقال : «عن بعض أهل العلم ولا أحسبه الّا عن خالد بن معدان الكلاعي» وقد توفي خالد سنة ١٠٨ كما عن (تهذيب التهذيب) ولعله لهذا إنمّا نقل قطعة من الخبر بالمعنى.